ومع أن شو كان من الداعين إلى التدرج عن طريق الجمعية الفابية الاشتراكية في لندن؛ فإنه - وهو في الحلقة الثامنة من عمره - أصبح من المعجبين بالنظام الاشتراكي في روسيا، ولما زار سدني ويب دول الاتحاد السوفيتي ألف كتابا بعنوان «دولة الاتحاد السوفيتي: حضارة جديدة». وقرأ برنارد شو هذا الكتاب في تجارب الطبع.
ولما مات وجدت صورة لنين على سريره.
وبكلمة أخرى بدأ شو اشتراكيا متدرجا وانتهى شيوعيا ثوريا.
أولى درامات شو
برنارد شو كاتب مسرحي قبل أن يكون أي شيء آخر، وقد جعل المسرح ميدانا للبحوث الفلسفية والمناقشات الاجتماعية، ويبدو من تجاربه الأدبية الأولى أنه لم يكن يهدف إلى هذه الغاية التي أرصد لها حياته أو ستين سنة من حياته؛ ذلك أنه بدأ تجاربه بتأليف القصص التي لم يفلح فيها، ولكنه بعد ذلك اشتغل بالنقد المسرحي فبرزت ميزاته ولفتت إليه أنظار المؤلفين والناقدين.
وفي هذه الأثناء عرف هنريك إبسن، وكان هذا المؤلف المجدد في المسرح الأوربي كشفا عظيما له، وقد تعلم منه شو درسا لم ينسه طيلة عمره، هو أن الدرامة يجب أن تكون للتنوير الاجتماعي الفلسفي وأن ترشد المتفرجين كما لو كانوا في جامعة يتعلمون ويسترشدون.
وبدأ مؤلفاته المسرحية بدرامة عنوانها «حرفة المسز وارينز» وذلك في 1894، وأكاد أقول إن جميع مؤلفات أو درامات برنارد شو بعد ذلك إلى 1959 حين مات، لم تخرج عن موضوع هذه الدرامة، وأعني صميم الموضوع وهو الفقر؛ فقد عاش عمره كله وهو يرى حقيقة بارزة هي أن الفقر أصل لجميع الرذائل في الدنيا، للجهل، والمرض، والإجرام، والخسة، والبغاء، والجبن، والهوان، وسائر الرذائل.
وهذه الدرامة الأولى تبرز نتائج الفقر في أعظم مخازيه، وهو البغاء، أو بالأحرى الاتجار بالبغاء، وقد منع الرقيب في لندن تمثيل هذه الدرامة بضع سنوات بدعوى أنها تتحدى الحياء العام وتفشي أشياء اصطلح الناس على إخفائها، ولكنه عاد فأجاز تمثيلها.
ونحن نجد في الدرامة أثر إبسن في أسلوب المناقشة والوضع المسرحي للممثلين، وهذا غير المشابهة في اختيار الموضوع ، وهو موضوع اجتماعي، وهذه الدرامة تمثل لنا أسلوب شو في التأليف المسرحي، وهو أسلوب لم يتغير في نحو ستين سنة.
أشخاص الدرامة يتحدثون، ومن حديثهم تستنبط ماضيهم وما وقع لهم من أحداث انتهت بالموقف الحاضر على المسرح، وهذه هي طريقة إبسن، والحركة في كل من إبسن وشو قليلة، تكاد تكون معدومة على المسرح، ولكننا نستمع إلى حوار ذكي نفهم منه حياة الأشخاص التي تنتهي إلى الأزمة أو إلى الذروة، وتتضح لنا مشكلة عميقة في الاجتماع يجري الحوار بشأنها كي نصل إلى حل لها أو إلى شعاع يشير إلى الحل.
अज्ञात पृष्ठ