كل من في الوجود يطلب صيدا
غير أن الشباك مختلفات
والهنا غير مستحيل ولكن
دونه في سبيلنا عقبات
فكلنا يريد إدراك السعادة، وما أحد يبلغ منها مراده، ولكل في سير أحواله طريقة، وما أحد يرى حاله من وجه الحقيقة، وقد يلتمس المرء المحال، فتنقضي أيامه بتقليب الآمال، تجيئه فيرتاح إليها، وتنقضي فيبكي عليها، والله - سبحانه وتعالى - قسم على الناس الحظوظ وأسباب الهناء، كما يقسم الأب العادل ماله على أولاده بالسواء، فمنا من يفتح كفه ويلقي سهمه في البحر، ومنا من ينفق في الساعة ما أعطي لكل العمر، ومنا أجواد سذج كرام يبذلون سعادتهم في سبيل الحب بلا عوض ثم يرونها مداسة بالأقدام، فالحكيم الجدير بآلاء السماء الخليق بنعماء الهناء من ستر لذته عن أعين الحاسدين والرقباء، فهو في نعيم مقيم، وعلى أمل عظيم، يبتسم لآتيه، ولا يندم على ماضيه؛ فينعم باللذة المستمرة، ويموت على فراش المسرة.
القصة
1
الحب كالكأس قد طابت أوائله
لكنه ربما مجت أواخره
كان يوم ابتداء قصتنا يوم عيد سعيد في قرية «بروغ» بمقاطعة «بواتو» بفرنسا، قد احتفل فيه أهل تلك الناحية بزواج «ڤكتور ديلار» ب «ماري دملفو»، وكان الفتيان كريمين عليهم محببين إليهم، وكانا متآلفين متعاشقين على صغر، ربيا متجاورين وشبا متعارفين متلازمين، فاتحد قلباهما حبا على انتظار ساعة الاتحاد قالبا وقلبا، وكان والد «ڤكتور» غنيا، كثير العقار، يسكن قصرا فسيحا قديما في «غور» واد بهيج ظليل، أما والد «ماري» فكان من الشرفاء الذين أنحت الثورة الفرنسوية - عام 1789م - على أموالهم، وكدرت صفو أحوالهم؛ فكان لذلك فقيرا يسكن في قرية «بروغ» بيتا حقيرا، ولا يملك غيره من العقار، غير أن هذا الفرق الواضح بين ثروة الرجلين لم يمنع الكونت ديلار والد «ڤكتور» من قبول الفتاة التي اختارها ابنه أهلا، بل كان يقول: إن مال «ڤكتور» كاف للاثنين، إن «ماري» لخير من كنوز الأموال.
अज्ञात पृष्ठ