बारिका महमूदिया
بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية
प्रकाशक
مطبعة الحلبي
संस्करण संख्या
بدون طبعة
प्रकाशन वर्ष
١٣٤٨هـ
الصِّيغَةِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ لِاحْتِجَاجِ الصَّحَابَةِ فِي وَقَائِعَ بِعُمُومِ آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي أَسْبَابٍ خَاصَّةٍ.
وَأَمَّا الْآيَاتُ الَّتِي خَصُّوهَا عَلَى أَسْبَابِهَا فَبِدَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ قَالُوا مِنْ فَوَائِدِ أَسْبَابِ النُّزُولِ تَفْسِيرُ النَّصِّ وَبَيَانُ مَعْنَاهُ وَلِهَذَا قَالَ الْوَاحِدِيُّ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ الْآيَةِ بِدُونِ الْوُقُوفِ عَلَى قِصَّتِهَا وَبَيَانِ نُزُولِهَا قُلْت لَعَلَّ ذَلِكَ لِكَوْنِ الْعِلْمِ بِالسَّبَبِ مُفْضِيًا إلَى الْعِلْمِ بِالْمُسَبَّبِ أَوْ الْمُرَادُ بِالتَّفْسِيرِ هُوَ بِوَجْهٍ مَا لَا عَلَى التَّفْصِيلِ.
وَقَدْ عَرَفْت هَاهُنَا أَنَّ التَّفْسِيرَ بِالْعُلَمَاءِ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَغَيْرِهِ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ حَدِيثٌ أُرْسِلَ ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ﴾ [النساء: ٥٩] أَنْتُمْ وَأُولُو الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴿فِي شَيْءٍ﴾ [النساء: ٥٩] وَخُصَّ بِأُمُورِ الدِّينِ لَعَلَّ الْأَظْهَرَ تَعْمِيمُهُ بِهِ وَبِأُمُورِ الدُّنْيَا ﴿فَرُدُّوهُ إِلَى﴾ [النساء: ٥٩] كِتَابِ ﴿اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩] مَا دَامَ حَيًّا وَإِلَى سُنَّتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ قِيلَ إنْ وُجِدَ فِي الْكِتَابِ أُخِذَ بِهِ وَإِلَّا فَبِالسُّنَّةِ وَإِلَّا أَيْضًا فَبِاجْتِهَادٍ فَإِنْ قِيلَ فَهَذَا الْأَخِيرُ زِيَادَةٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ بِالرَّأْيِ قُلْنَا الِاجْتِهَادُ قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ لَيْسَ بِمُثْبِتِ حُكْمٍ بَلْ مُظْهِرٌ أَنَّ النَّصَّ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ شَامِلٌ لِصُورَةِ الْمَقِيسِ يَعْنِي الْفَرْعَ وَأَنَّ مَوَاضِعَ الْقُرْآنِ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَافْهَمْ ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ [النساء: ٥٩] .
قِيلَ عَنْ الْخَازِنِ قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ وَالْآخِرِ لِمَنْ لَا يَعْتَقِدُ بِوُجُوبِ طَاعَةِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ قُلْت هَذَا بِطَرِيقِ مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَهُوَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ عِنْدَنَا ﴿ذَلِكَ﴾ [النساء: ٥٩] أَيْ الرَّدُّ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴿خَيْرٌ﴾ [النساء: ٥٩] مِنْ التَّنَازُعِ ﴿وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا﴾ [النساء: ٥٩] أَجْمَلُ مِنْ تَأْوِيلِكُمْ وَحَمْدُ عَاقِبَةٍ وَالْعَاقِبَةُ تُسَمَّى تَأْوِيلًا لِأَنَّهَا مَآلُ الْأَمْرِ.
وَفِيهِ إشَارَةٌ لِتَأْيِيدِ مَذْهَبِ السَّلَفِ مِنْ تَسْلِيمِ الْمُتَشَابِهَاتِ وَتَفْوِيضِهَا إلَى اللَّهِ كَمَا قِيلَ لَكِنْ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ مَعْنَى النِّزَاعِ بِالْمُتَشَابِهَاتِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ النِّزَاعَ فِي الْمُتَشَابِهِ مِنْ إفْرَادِ مُطْلَقِ التَّنَازُعِ الْمُشَارِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ الْآيَةُ تَقْتَضِي رَدَّ الْأَمْرِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَالْوَاجِبُ رَدُّ جَمِيعِ الْأُمُورِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى قُلْنَا هَذَا مِنْ قَبِيلِ مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَهُوَ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ عِنْدَنَا وَأَنَّ شَأْنَ الْغَيْرِ الْمُتَنَازَعِ أَنْ يَجِيءَ مِنْ اللَّهِ لِأَنَّ مَا يَكُونُ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ لَا يَخْلُو عَنْ الِاخْتِلَافِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الرَّدِّ لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِشْهَادَ بِمَدْلُولِهَا التَّضَمُّنِيِّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ.
وَمِنْ قَوْلِهِ وَالرَّسُولِ فِي قَوْلِهِ فَرَدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَأَصْلُ الْأَمْرِ لِلْوُجُوبِ وَقَدْ أُكِّدَ بِقَوْلِهِ ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [النساء: ٥٩]- بَلْ بِتَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ﴾ [النساء: ٥٩] وَفِي سُورَةِ النِّسَاءِ أَيْضًا ﴿فَلا﴾ [النساء: ٦٥] أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمُوا أَنَّهُمْ آمَنُوا وَهُمْ يُخَالِفُونَ حُكْمَك ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْقَسَمَ وَقَالَ ﴿وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [النساء: ٦٥] وَقِيلَ لَفْظَةُ (لَا) مَزِيدَةٌ لِتَأْكِيدِ الْقَسَمِ أَوْ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ فِي لَا يُؤْمِنُونَ وَهُوَ جَوَابُ الْقَسَمِ ﴿حَتَّى يُحَكِّمُوكَ﴾ [النساء: ٦٥] أَيْ يَجْعَلُوكَ حَكَمًا كَذَا قِيلَ لَعَلَّ الْأَوْلَى أَيْ يَرْضَوْا حُكْمَك ﴿فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥] .
أَيْ فِيمَا اُخْتُلِفَ بَيْنَهُمْ مِنْ التَّشَاجُرِ بِمَعْنَى التَّنَازُعِ وَمِنْهُ الشَّجَرُ لِتَدَاخُلِ أَغْصَانِهِ ﴿ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ﴾ [النساء: ٦٥] أَيْ شَكًّا وَضِيقًا وَحَذَفَ النُّونَ فِي لَا يَجِدُونَ لِعَطْفِهِ عَلَى يُحَكِّمُوك كَأَنَّ حَاصِلَ الْآيَةِ أَنَّ الْإِيمَانَ مُتَعَلِّقٌ بِرِضَا حُكْمِ النَّبِيِّ وَعَدَمِ اسْتِصْعَابِهِ فَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِهِ أَوْ رَضِيَ لَكِنَّهُ اسْتَصْعَبَهُ فَيَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ مُؤْمِنًا فَالتَّمَسُّكُ وَالِاعْتِصَامُ بِحُكْمِهِ لَازِمٌ وَلَوْ الْتِزَامًا فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مُطْلَقُ السُّنَّةِ وَاللَّازِمُ مِنْ الدَّلِيلِ السُّنَّةُ الْمُقَيَّدَةُ بِحُكْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنْ يُقَالَ وُجُودُ الْخَاصِّ مُسْتَلْزِمٌ لِوُجُودِ الْعَامِّ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَايَسَةِ أَوْ دَلَالَةِ النَّصِّ ﴿وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥] أَيْ يَنْقَادُوا لِأَمْرِ اللَّهِ وَأَمْرِك انْقِيَادًا بِالْخُلُوصِ وَالرِّضَا.
وَفِي النِّسَاءِ ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾ [النساء: ٦٩] نَزَلَتْ فِي ثَوْبَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ شَدِيدَ الْحُبِّ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَلِيلَ
1 / 55