196

बारिका महमूदिया

بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

प्रकाशक

مطبعة الحلبي

संस्करण संख्या

بدون طبعة

प्रकाशन वर्ष

١٣٤٨هـ

﴿وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: ٢٦٠] فَلَيْسَ لِلشَّكِّ فِي إحْيَاءِ الْمَوْتَى بَلْ لِطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ فَالْعِلْمُ الْأَوَّلُ بِوُقُوعِهِ وَالثَّانِي بِكَيْفِيَّتِهِ وَمُشَاهَدَتِهِ أَوْ لِاخْتِبَارِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ أَوْ لِأَنَّ الْيَقِينَ يَقْبَلُ الْقُوَّةَ وَالضَّعْفَ فَيَزِيدُ التَّرَقِّي مِنْ مَرْتَبَةِ عِلْمِ الْيَقِينِ إلَى مَرْتَبَةِ عَيْنِ الْيَقِينِ أَوْ لِإِرَاءَةِ مُنْكِرِي الْبَعْثِ إلْزَامًا أَوْ الْمُرَادُ أَقْدِرْنِي عَلَى إحْيَاءِ الْمَوْتَى أَوْ أَرَى صُورَةَ الشَّكِّ مَعَ الْيَقِينِ تَوَاضُعًا وَتَأَدُّبًا لِازْدِيَادِ الْقُرْبِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ﴾ [يونس: ٩٤]- فَلَيْسَ لِوُجُودِ الشَّكِّ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُقْتَضَى الْبَشَرِيَّةِ كَمَا وَهِمَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ بَلْ الْمُرَادُ قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلشَّاكِّ إنْ كُنْت فِي شَكٍّ إلَى آخِرِهِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى - ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي﴾ [يونس: ١٠٤] الْآيَةُ وَقِيلَ: الْخِطَابُ لِغَيْرِ النَّبِيِّ مِنْ قَبِيلِ - ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥]- الْآيَةُ وَقِيلَ وَقِيلَ وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ» فَلَيْسَ لِلرَّيْبِ وَوَسْوَسَةِ الْقَلْبِ بَلْ الْمُرَادُ مِنْ الْغَيْنِ ذُهُولُ الْقَلْبِ عَنْ مُشَاهَدَةِ الْحَقِّ وَمُدَاوَمَةِ الذِّكْرِ لِاشْتِغَالِهِ بِأَدَاءِ أَعْبَاءِ الرِّسَالَةِ مَعَ الْأُمَّةِ وَغَيْرِهِ هَذَا وَإِنْ كَانَ طَاعَةُ رَبِّهِ لَكِنْ تَفَرُّدُهُ بِرَبِّهِ أَعْلَى مِنْهُ فَيَعُدُّهُ نَقْصًا فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِأُمَّتِهِ أَوْ لِتَعْلِيمِهِمْ أَوْ لِإِعْلَامِ طَرِيقِ عَدَمِ الْأَمْنِ أَوْ لِمُجَرَّدِ الْإِجْلَالِ وَالْإِعْظَامِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأنعام: ٣٥]- وَلِنُوحٍ ﵊ ﴿فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [هود: ٤٦]- لَيْسَ لِإِثْبَاتِ الْجَهْلِ لَهُمَا بِصِفَتِهِ تَعَالَى فِي هَاتَيْنِ بَلْ الْمُرَادُ هُوَ الْوَعْظُ بِعَدَمِ التَّشْبِيهِ فِي الْأُمُورِ بِسِمَاتِ الْجَاهِلِينَ وَقِيلَ: الْخِطَابُ فِي الْآيَةِ الْأُولَى لِنَبِيِّنَا ﵊ وَالْمُرَادُ أُمَّتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا قَبْلَ النُّبُوَّةِ فَالصَّوَابُ أَيْضًا عِصْمَتُهُمْ عَنْ الْجَهْلِ بِذَاتِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ مُنْذُ وُلِدُوا وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ مِنْ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ نِسْبَةَ كُفْرٍ إلَى نَبِيٍّ مَعَ قُوَّةِ مُعَادَاتِهِمْ وَأَمَّا قَوْلُ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْكَوْكَبِ وَالْقَمَرِ وَالشَّمْسِ - هَذَا رَبِّي - فَقِيلَ: فِي سِنِّ الطُّفُولِيَّةِ وَابْتِدَاءِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَقَبْلَ تَكْلِيفِ الشَّرْعِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ هَذَا رَبِّي عَلَى الْإِنْكَارِ وَعَنْ الزَّجَّاجِ هَذَا رَبِّي عَلَى قَوْلِكُمْ وَمُعْظَمُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا قَالَهُ تَبْكِيتًا وَإِلْزَامًا وَتَوْبِيخًا اسْتِدْلَالًا عَلَيْهِمْ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى - ﴿وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى﴾ [الضحى: ٧]- فَلَيْسَ الْمُرَادُ هُوَ الْكُفْرُ بَلْ بِمَعْنَى الضَّالِّ أَيْ الْغَائِبِ عَنْ النُّبُوَّةِ أَوْ وَجَدَك بَيْنَ أَهْلِ الضَّلَالِ فَعَصَمَك أَوْ ضَالًّا عَنْ شَرِيعَتِك أَيْ لَا تَعْرِفُهَا فَهَدَاك إلَيْهَا بِالْوَحْيِ مَتْلُوًّا أَوْ غَيْرَ مَتْلُوٍّ أَوْ الضَّلَالُ الْحِيرَةُ الَّتِي فِي غَارِ حِرَاءٍ وَالْهِدَايَةُ هِدَايَةُ الْإِسْلَامِ أَوْ لَا تَعْرِفُ الْحَقَّ إلَّا مُجْمَلًا فَهَدَاك إلَيْهِ مُفَصَّلًا أَوْ ضَالًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَهَدَاك إلَى الْمَدِينَةِ أَوْ الْمَعْنَى وَوَجَدَك هَادِيًا فَهَدَى بِك ضَالًّا وَعَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ بْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿وَوَجَدَكَ ضَالا﴾ [الضحى: ٧]- عَنْ مَحَبَّتِي لَك فِي الْأَزَلِ أَيْ لَا تَعْرِفُهَا فَمَنَنْت عَلَيْك بِمَحَبَّتِي بِمَعْرِفَتِي وَقَرَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَوَجَدَك ضَالٌّ - بِالرَّفْعِ - فَهَدَى - أَيْ اهْتَدَى أَوْ الضَّالُّ بِمَعْنَى الْمُحِبِّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - ﴿إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ﴾ [يوسف: ٩٥]- يَعْنِي مُحِبًّا لِمَعْرِفَتِي وَعَنْ الْجُنَيْدِ أَيْ وَجَدَك مُتَحَيِّرًا فِي بَيَانِ مَا أُنْزِلَ إلَيْك فَهَدَاك لِبَيَانِهِ وَقِيلَ: ضَالًّا أَيْ لَمْ يَعْرِفْ نُبُوَّتَك أَحَدٌ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى ﴿مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ﴾ [الشورى: ٥٢]- فَعَنْ السَّمَرْقَنْدِيِّ أَيْ لَا تَعْرِفُ قَبْلَ الْوَحْيِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَلَا دَعْوَةَ الْخَلْقِ إلَى الْإِيمَانِ وَقَالَ الْقَاضِي وَلَا الْإِيمَانُ أَيْ الْفَرَائِضُ وَالْأَحْكَامُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ عَنْ أَذَى الشَّيْطَانِ بِجِسْمِهِمْ وَعَنْ وَسْوَسَتِهِ بِقَلْبِهِمْ وَلِذَا. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ لَكِنَّهُ تَعَالَى أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَلَا يَأْمُرُنِي إلَّا بِخَيْرٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَأَسْلَمُ» بِالضَّمِّ أَيْ فَأَسْلَمُ أَنَا مِنْهُ وَفِي رِوَايَةٍ «فَأَسْلَمَ» يَعْنِي صَارَ مُسْلِمًا وَفِي رِوَايَةٍ «فَاسْتَسْلَمَ» فَإِذَا كَانَ حَالُ الْمُسَلَّطِ كَذَا فَحَالُ الْغَيْرِ أَوْلَى وَلِعَجْزِ اللَّعِينِ عَنْ أَذَاهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسَبَّبَ بِالتَّوَسُّطِ فِي مَجِيئِهِ عَلَى قُرَيْشٍ فِي دَارِ النَّدْوَةِ فِي صُورَةِ الشَّيْخِ

1 / 196