M. H. De Kock : إنه من المتعين ألا نثقل كاهل البنوك المركزية بالأوامر والنواهي التشريعية، بل الأفضل أن نرسم لها نظما مرنة تمكنها من مواجهة الظروف بما لديها من خبرة وبما يراه مجلس إدارتها من علاج لبعض المواقف.
بنك الحكومة ومستشارها
من مهام البنك المركزي أن يقوم للحكومة بخدمات منها حفظ أموالها، وإقراضها، وإبداء النصح لها في كثير من الحالات. وهو بهذا بنك الحكومة؛ تحفظ فيه ودائعها الثمينة ونقودها، وتحصل منه على الحوالات اللازمة لأعمالها، ويصرف عنها ما تدفعه في نفقاتها وأجور موظفيها، ويحصل لها بعض الأحيان ما تعهد إليه بتحصيله من دفعات تسدد لحسابها.
ومن أعماله أن يمد الحكومة بالنقود الأجنبية اللازمة لها في دفع ديون عليها للخارج. وهو يأتي هذا بمفرده أو بمساعدة بنوك أخرى يركن إليها في هذا العمل.
وإذا احتاجت الحكومة مالا أقرضها، وإذا أصدرت سندات تولى عملية عرضها للاكتتاب وقام على دفع الكوبونات نيابة عنها في المواعيد التي تحددها، ويقوم بتحويل الديون وتدبير استهلاكها، كل ذلك يؤديه للحكومة بغير أجر أو بأجر زهيد جدا.
وفوق هذا فإنه من واجب البنك أن يمحض الحكومة النصح في كل ما تطلب فيه رأيه من مسائلها الاقتصادية الكبرى، بل لقد جرى العمل في إنجلترا على مشاورة بنك إنجلترا في السياسة الاقتصادية، وفيما تضعه من خطط لمشروعات تقوم الحكومة بها وحدها أو مشتركة مع النقابات أو الهيئات.
وتعتبر مراقبة النقد من صميم عمل البنك المركزي في الأوقات التي يستلزم الأمر فيها إجراء المراقبة عند الطوارئ أو دواعي الحروب.
الأعمال التي يجب أن يبتعد عنها البنك المركزي
قلنا إن البنك المركزي بنك للبنوك وللحكومة. وهذا يستدعي أن يمتنع عن مباشرة أعمال لا تتفق وهاتين الصفتين؛ فلا يجوز له أن يتعامل مع الأفراد أو ينافس في ذلك البنوك التجارية التي قام على خدمتها والتفرغ لها، ويجب عليه أيضا أن يمتنع عن الاشتغال بالأعمال غير مأمونة العواقب؛ فلا يزج بنفسه في مغامرات أو أعمال صناعية تستدعي إبقاء ماله طويلا في مشروعاتها فضلا عن تعرضها للمفاجآت والخسارة.
هذا محصل الرأي الحديث في شأن البنوك المركزية يستند أيضا إلى ضرورة تخصص كل بنك للعمل الذي قام من أجله؛ فالتجارة لها بنوك، والزراعة لها بنوك، والصناعة لها بنوك، ويجب عدم الخلط في أعمالها. وهذا الرأي الحديث متبع إلى حد كبير في نظم البنوك المركزية الحالية. أما البنوك المركزية القديمة، فقد كانت تتعامل مع الأفراد وتشترك في الصناعة والتجارة بقدر ولو يسير.
अज्ञात पृष्ठ