بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة على أشرف الخلق محمد وآله الطاهرين
........................................ صفحة : 5
موقفنا من الاطروحة
أود لدى محاولة التخطيط لأطروحة البنك اللاربوي أن أشير إلى نقطة أساسية في هذه المحاولة، وهي: أننا يجب أن نميز بصورة جوهرية بين الموقفين التاليين:
أ- موقف من يريد أن يخطط لبنك لا ربوي ضمن تخطيط شامل للمجتمع، أي بعد ان يكون قد تسلم زمام القيادة الشاملة لكل مرافق المجتمع، فهو يضع للبنك أطروحته الإسلامية كجزء من صورة إسلامية كاملة وشاملة للمجتمع كله.
ب- وموقف من يريد أن يخطط لإنشاء بنك لا ربوي بصورة مستقلة عن سائر جوانب المجتمع، أي مع افتراض استمرار الواقع الفاسد والإطار الاجتماعي اللاسلامي للمجتمع، وبقاء المؤسسات الربوية الأخرى من بنوك وغيرها، وتفشي النظام الرأسمالي مضمونا وروحا في الحياة الاقتصادية والحياة الفكرية والخلقية للناس.
ان هذين الموقفين يختلفان اختلافا أساسيا. إذ على مستوى الموقف الأول يطبق حكم الإسلام بتحريم الربا على البنك ضمن تطبيق شامل للنظام الإسلامي كله، وبذلك يؤتي تحريم الربا في
........................................ صفحة : 6
مجال التطبيق كل ثماره المرجوة، ولا يخلق مضاعفات، ويساهم مع باقي أجزاء النظام الإسلامي في تحقيق الأهداف الرئيسية التي يتوخاها الإسلام في تنظيمه الاجتماعي.
पृष्ठ 8
وقد قلنا في كتاب «اقتصادنا» إن النظام الإسلامي كل مترابط الأجزاء، وتطبيق كل جزء يهيى ء إمكانيات النجاح للجزء الآخر في مجال التطبيق، ويساعده على أداء دوره الإسلامي المرسوم.
وأما على مستوى الموقف الثاني فإن تحريم الربا سوف يطبق على بنك خاص بينما يبقى غير مطبق على سائر المؤسسات النقدية والمالية الأخرى، ويبقى كثير من جوانب النظام الإسلامي معطلا في واقع الحياة. وهذه التجزئة في مقام التطبيق سوف لن تسمح للتطبيق الجزئي المحدود لفكرة تحريم الربا أن يؤتي كل ثماره، ويحقق نفس الأهداف والمكاسب التي بإمكانه أن يحققها لو وضع ضمن تطبيق شامل للنظام الإسلامي كله.
ولكن هذا لا يشكل عذرا عن التطبيق الشرعي حيث يمكن.
لأن كل حكم من أحكام الإسلام واجب التطبيق على أي حال، سواء طبقت الأحكام الأخرى أم لا. وتطبيق كل حكم يقرب المجتمع نحو إمكانية التطبيق الشامل للشريعة المقدسة.
وهكذا نعرف أن الشخص الذي يتاح له الموقف الأول يمكنه أن يصوغ أطروحة البنك اللاربوي بشكل ينطبق على أحكام الشريعة الإسلامية نصا وروحا، ويساهم في تحقيق الأهداف
........................................ صفحة : 7
الرئيسية التي يتوخاها الاقتصاد الإسلامي، من توازن اجتماعي، وعدالة في التوزيع، وغير ذلك، ولا يمنى بتناقض بين أطروحة البنك اللاربوي، وباقي جوانب المجتمع. ذلك لأن الموقف الأول يعني أن تنظم كل جوانب المجتمع على أساس الإسلام، ومع وحدة الأساس للتنظيم الاجتماعي في كل المجالات لا يبقى مجال للتناقض أو نشوء المضاعفات. إلا تلك المضاعفات التي قد تنشأ عن ضغوط المجتمعات الأخرى الربوية التي تعايش المجتمع الإسلامي.
पृष्ठ 9
وعلى العكس من ذلك من فرض عليه الموقف الثاني. لأنه موقف ضيق بطبيعته إذ تفرض عليه الأرضية والإطار بصورة مسبقة، وهذا يجعل أطروحة البنك اللاربوي غير مرنة ولا حرة في اتخاذ أفضل صيغة لها من الناحية الإسلامية، بل إنها مضطرة إلى اتخاذ صيغة صالحة للعيش والحركة ضمن ذلك الإطار والأرضية، وقادرة على معاصرة البنوك الأخرى التي تواصل نشاطها الربوي حتى بعد قيام البنك اللاربوي المزمع إيجاده.
........................................ صفحة : 8
سياسة الاطروحة المقترحة
وحديثنا الآن عن أطروحة البنك اللاربوي المقترحة يجب أن يكون بروح الموقف الثاني لأن المفترض بقاء الواقع كما هو من سائر نواحيه. الاقتصادية، والاجتماعية، والفكرية، والسياسية، ولو كنا نعالج الموضوع بروح الموقف الأول لكان لنا حديث غير هذا الحديث.
وروح الموقف الثاني تفرض علينا أن نفتش عن صيغة شرعية معقولة للبنك اللاربوي، ولكي تكون الصيغة المقترحة كذلك يجب أن تتوفر فيها عناصر ثلاثة:
الأول: أن لا يكون البنك المقترح مخالفا لأحكام الشريعة الإسلامية.
الثاني: أن يكون البنك قادرا على التحرك والنجاح في الجو الفاسد للواقع المعاش أي أن لا تخلق صيغته الإسلامية فيه تعقيدا وتناقضا شديدا مع واقع المؤسسات الربوية الرأسمالية وجوها الاجتماعي العام بالدرجة التي تشله عن الحركة والحياة.
نقول هذا فعلا، بينما لم يكن هذا التناقض الشديد ليشكل خطرا على البنك اللاربوي لو أتيح لنا الموقف الأول، إذ نستأصل حينئذ كل المؤسسات الربوية ونجتث كل جذورها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية. وهكذا نعرف أن الصعوبة لا تكمن في إعطاء صيغة إسلامية لا ربوية للبنك، بل في إعطائه هذه
........................................ صفحة : 9
الصيغة مع افتراض أن يعيش ضمن الواقع الفاسد ومؤسساته المختلفة.
पृष्ठ 10
الثالث: أن تمكن الصيغة الإسلامية البنك اللاربوي لا من النجاح كمؤسسة تجارية تتوخى الربح فحسب، بل لا بد للبنك اللاربوي هذا أن يكون قادرا ضمن تلك الصيغة على النجاح بوصفه بنكا، أي أن يؤدي في الحياة الاقتصادية نفس الدور الذي تقوم به البنوك فعلا، من تجميع رءوس الأموال العاطلة ودفعها الى مجال الاستثمار والتوظيف على أيدي الأكفاء من رجال الأعمال، وتمويل القطاعات التجارية والصناعية والقطاعات الأخرى بما تحتاجه من المال، وتكثير وسائل الدفع التي تعوض عن العملة وتساهم في اتساع حركة التبادل ونشاطها من شيكات (صكوك) وغيرها.
وإضافة إلى ذلك، لا بد للبنك لكي ينجح باعتباره بنكا في بلد من البلاد النامية أن يؤدي دورا طليعيا في تنمية اقتصاد البلد الذي يشكل البنك جهازا من أجهزته المالية الحساسة، وأن يساهم مساهمة فعالة في تطوير الصناعة في ذلك البلد ودفعها إلى الامام.
نستخلص من ذلك، أن سياسة البنك اللاربوي المقترح يجب أن توضع على ثلاثة أسس:
أولا: أن لا يخالف أحكام الشريعة المقدسة.
ثانيا: أن يكون قادرا على الحركة والنجاح ضمن إطار الواقع المعاش بوصفه مؤسسة تجارية تتوخى الربح.
........................................ صفحة : 10
ثالثا: أن تمكنه صيغته الإسلامية من النجاح بوصفه بنكا، ومن ممارسة الدور الذي تتطلبه الحياة الاقتصادية والصناعية والتجارية من البنوك، وما تتطلبه ظروف الاقتصاد النامي والصناعة الناشئة من ضرورة التدعيم والتطوير.
पृष्ठ 11
وعلى ضوء هذه السياسة، سوف نتحدث عن الأطروحة المقترحة للبنك دون أن نتقيد بحصر نشاط البنك المقترح في نطاق الدائرة التقليدية لنشاطات البنوك التجارية (بنوك الخصم والودائع)، أو الدائرة التقليدية لنشاطات بنوك التخصص (بنوك العمال)، أو أي دائرة اخرى محدودة من هذا القبيل، بل إننا سوف نفكر في أي نشاط يمكن أن يقوم به البنك، إذا كان منسجما مع الأسس الثلاثة المتقدمة، سواء كان هذا النشاط من اختصاص هذه الدائرة أو تلك.
........................................ صفحة : 11
المعالم الاساسية للسياسة المصرفية الجديدة
يمكننا أن نلخص المعالم الرئيسية للسياسة المصرفية الجديدة التي تحدد بموجب الأسس المتقدمة فيما يلي:
أولا: الاتجاه إلى إبراز عنصر العمل البشري في النشاطات المصرفية بوصفه مصدر دخل، والاتجاه عكسيا إلى الحد من دخل رأس المال.
فبينما البنك الربوي يمارس عمله بوصفه شخصية رأسمالية، ويركز على دخله بهذا الوصف، يتجه البنك اللاربوي إلى التأكيد على صفته كعامل، ويركز على دخله المستمد من هذا الوصف.
ويتمثل هذا الاتجاه، من ناحية، في تأكيد البنك اللاربوي على العمولة بوصفها أجرة عمل واهتمامه بتوسيع نطاق دخله القائم على أساس العمولات. ومن ناحية أخرى، في تعففه عن فائدة القرض بوصفها أجرة رأس المال والممثلة لسلطانه الربوي.
وثانيا: الاتجاه إلى الاحتفاظ مهما أمكن بروح الوساطة في الدور الذي يمارسه البنك بين المودعين والمستثمرين، وصياغة موقفه القانوني منهم بصورة تجسد الوساطة.
وبالرغم من أن الظروف الربوية القاهرة التي تحيط بالبنك اللاربوي تمنعه في كثير من الأحيان من تجسيد الاتجاهات التي
पृष्ठ 12
........................................ صفحة : 12 يتبناها تجسيدا كاملا، إلا انها لا تمنعه على أي حال من التعبير عنها بشكل من الأشكال. وبذلك يحمل البنك اللاربوي على أقل تقدير بذرة التغيير الإسلامي الشامل في نظام الصيرفة، ويهيأ للمسلمين الانفتاح على أطروحة تسير في خطة هذا التغيير ولو على المستوي النظري أحيانا. هذا، إلى جانب ما يكسبه البنك اللاربوي من شرف الالتزام فعلا بأحكام الشريعة الإسلامية والتقيد بحدود الله تعالى.
وثالثا: استعداد البنك اللاربوي لتحمل أعباء التجربة الجديدة في سبيل إشاعة الروح الإسلامية في نظام البنك اللاربوي، واستعداده للتضحية بشي ء من الربح، أو المخاطرة حين يتطلب إنجاح الأطروحة شيئا من ذلك. لأن مؤسسي البنك اللاربوي إذا كانوا يريدون ان يقدموا أطروحة جديدة للعالم يجسدون فيها بعض قيم الرسالة الإسلامية وروحها العظيمة. فلا بد أن يتحلوا إلى جانب روحهم التجارية بروح رسالية ودوافع عقائدية تجعلهم يحسون دائما بأن العمل الذي يمارسونه ليس مجرد عمل تجاري لأجل الربح فحسب، بل هو إضافة إلى ذلك، لا بدلا عن ذلك، أسلوب من أساليب الجهاد في حمل أعباء الرسالة والأعداد لاستنقاذ الأمة من أوضاع الكفر وأنظمته. وكل جهاد يتطلب التضحية ويفرض على المجاهد البذل والعطاء.
فالبنك اللاربوي بحكم إقدامه على هذا العمل الرسالي الضخم في عالم يزخر بالربا يجب أن يتجه إلى دراسة أرباحه لا بلغة
........................................ صفحة : 13
الأرقام المادية فحسب، بل يدخل في أرباحه المكاسب العظيمة التي يحققها بعمله بأشرف رسالات السماء على الأرض. وهو أولى بتحمل أعباء التجربة والتضحية ببعض الأرباح من المودعين أو المستثمرين الذين لم يعيشوا الدوافع الرسالية للبنك، ولم يرتفعوا إلى مستوى الهم الكبير الذي دفع أصحاب فكره البنك اللاربوي إلى تقديم أطروحتهم الجديدة إلى العالم.
पृष्ठ 13
ورابعا: البحث عن متنفس للبنك اللاربوي يستطيع عن طريقه أن يمارس عمله الفريد النبيل في الاقتراض بلا فائدة، في عالم يسوده نظام الربا والقروض بفوائد من أقصاه إلى أقصاه.
وتقوم الفكرة في هذا التنفس على تمييز البنك اللاربوي في تعامله بين الجهات التي صنعت ذلك الوضع الشاذ الربوي في العالم وغيرها.
فبينما يحجم البنك اللاربوي عن إقراض الأشخاص والهيآت بفائدة تعففا عن الربا يسمح لنفسه أن يودع بفائدة في بنوك أشخاص لا يؤمنون بالإسلام، أو بنوك حكومات لا تطبق الإسلام.
فالبنك، كمقرض لا يأخذ فائدة من المقترض، ولكنه كمودع في تلك البنوك يمكنه أن يأخذ الفائدة. والمبرر الواقعي لذلك هو أن الوضع الفعلي لهذه البنوك هو المسؤول عن الحرج الذي يلقاه البنك المؤمن في ممارسة نظامه اللاربوي.
........................................ صفحة : 14
والتخريج الفقهي لذلك يقوم على أساس عدة أحكام على رأسها الرأي الفقهي القائل بجواز التعامل مع الكافر غير الذمي بالربا وأخذ الزيادة منه، وهو قول يتفق عليه علماء المذهب الإمامي، ويذهب إليه غيرهم من علماء المسلمين أيضا كإمام المذهب الحنفي.
........................................ صفحة : 15
نظام البنك اللاربوي
........................................ صفحة : 16
سوف يقع حديثنا عن نظام البنك اللاربوي في فصلين:
أحدهما: في النقطة الرئيسية في البحث وهي طريقة إنقاذ البنك المزمع إنشاؤه من التعامل بالربا، والذي يتمثل لدى البنوك القائمة فعلا بصورة رئيسية في الإيداع لدى البنك بفائدة والاقتراض منه بفائدة، والذي يعبر عن المصدر الرئيسي للتناقض بين تلك البنوك وبين أحكام الإسلام.
وطريقة إنقاذ البنك من التعامل بالربا، والقضاء على أساس التناقض بينه وبين أحكام الإسلام يتم بتقديم أطروحة تنظم علاقاته بالمودعين والمستثمرين على أساس جديد يختلف عن نظام الإيداع بفائدة والإقراض بفائدة «1».
पृष्ठ 14
........................................ صفحة : 17
والفصل الآخر نستعرض فيه الوظائف الأساسية التي تمارسها البنوك القائمة فعلا وما تشتمل عليه من خدمات وتسهيلات واستثمارات، وندرسها في ضوء الأطروحة السابقة، لنعرف حكم الشريعة الإسلامية بشأنها، وموقف البنك اللاربوي من مختلف تلك النشاطات «1».
........................................ صفحة : 20
الفصل الأول
الاطروحة الجديدة لتنظيم علاقات البنك بالمودعين والمستثمرين
تتكون الموارد المالية للبنك عادة من رأس المال الممتلك للبنك (أي رأس المال المدفوع مضافا إليه الأرباح المتراكمة غير الموزعة) ومن الودائع التي يحصل عليها ويتمثل فيها الجزء الأكبر من موارده.
وتنصب أهم نشاطات البنك الربوي على الاقتراض بفائدة أو بدون فائدة (فان قبوله للودائع الثابتة اقتراض بفائدة، وقبوله للودائع المتحركة اقتراض بدون فائدة كما سيأتي) ثم الإقراض بفائدة أكبر. ويتكون دخله الربوي من الفائدة التي يتقاضاها- في حالة اقتراضه بدون فائدة- أو من الفارق بين الفائدتين في الحالة الثانية.
ويستمد البنك الربوي أهميته في الحياة الاقتصادية من كونه قوة قادرة على تجميع رءوس الأموال العاطلة بإغراء الفائدة التي يعطيها للمودعين ودفعها الى مجال الاستثمار باسم قروض لرجال الأعمال ومختلف المشاريع التي تحتاج الى تمويل.
وعلى هذا الضوء نعرف أن العلاقة التي يمارسها البنك مع المودعين من ناحية، ومع المستثمرين من ناحية أخرى، هي علاقة وسيط بين رأس المال والعمل إذا نظرنا الى طبيعتها الاقتصادية. واما إذا نظرنا الى طبيعتها القانونية أي إلى الصياغة القانونية لتلك العلاقة في المجتمع الرأسمالي نرى أن القانون
........................................ صفحة : 21
صاغها عن طريق تجزئتها الى علاقتين قانونيتين مستقلتين:
पृष्ठ 15
إحداهما: علاقة البنك بالمودعين بوصفه مدينا وبوصفهم دائنين، والأخرى: علاقة البنك مع رجال الأعمال المستثمرين الذين يلجأون الى البنك للحصول على المبالغ التي يحتاجونها من النقود، وفي هذه العلاقة يحتل البنك مركز الدائن، ورجال الأعمال مركز المدين.
ومعنى هذا أن البنك لم يعد في الإطار القانوني مجرد وسيط بين رأس المال والعمل، أي بين المودعين والمستثمرين، بل أصبح طرفا أصيلا في علاقتين قانونيتين، وانعدمت بحكم ذلك أي علاقة قانونية بين رأس المال والعمل بين المودعين والمستثمرين، فأصحاب الودائع ليس لهم أي ارتباط قانوني برجال الأعمال وإنما هم مرتبطون بالبنك ارتباط دائن بمدين، كما ان رجال الأعمال المستثمرين غير مرتبطين بأحد سوى البنك بالذات الذي يدخلون معه في علاقة مدين بدائن.
والبنك بوصفه مدينا للمودعين يدفع إليهم الفائدة إذا لم تكن ودائعهم تحت الطلب، وباعتباره دائنا للمستثمرين يتسلم منهم فائدة أكبر. وبذلك يرتبط نظام الإيداع والإقراض بالربا المحرم في الإسلام.
والفكرة الأساسية التي أحاول عرضها لتطوير البنك على أساس إسلامي يصونه من التعاطي بالربا ترتكز على تصنيف الودائع التي. يتسلمها الى ودائع ثابتة وأخرى متحركة (جارية)، ففي الودائع الثابتة ترفض الصياغة القانونية الآنفة الذكر بعلاقة
........................................ صفحة : 22
البنك بالمودعين والمستثمرين، وتعطى بدلا عنها صياغة قانونية أخرى تنشأ بموجبها علاقة قانونية مباشرة بين المودعين والمستثمرين ويمارس البنك ضمنها دوره كوسيط بين الطرفين، وبذلك تصبح الصياغة القانونية لعلاقة البنك بالمودعين والمستثمرين أكثر انطباقا على واقع تلك العلاقة.
पृष्ठ 16
فكما إذا نظرنا الى واقع هذه العلاقة بصورة مجردة عن أي طابع قانوني نجد انها لا تخرج عن معنى الوساطة يقوم بها البنك لإيصال رءوس الأموال التي تتطلب مستثمرا الى المستثمرين الذين يطلبون رأس مال يستثمرونه. كذلك حين ننظر إلى علاقة البنك بالطرفين في إطار الصياغة القانونية المقترحة التي تنشأ فيها الصلة بين المودعين والمستثمرين مباشرة، فإنها لا تبتعد ضمن هذه الصياغة عن وضعها الطبيعي كوساطة يمارسها البنك بين رأس المال والعمل.
هذا في مجال الودائع الثابتة، واما الودائع المتحركة (الجارية) فلها وضع آخر في الأطروحة المقترحة يأتي الحديث عنه بعد ذلك.
وسوف نتناول أولا تنظيم علاقات البنك بالمودعين للودائع الثابتة والمستثمرين، ونوضح كيف تصاغ بشكل تنشأ فيه الصلة مباشرة بين المودعين والمستثمرين ويمارس البنك اللاربوي دور الوسيط بين الطرفين، ثم نتكلم عن تنظيم علاقات البنك بأصحاب الودائع المتحركة. ولكن قبل البدء بذلك لا بد أن نحدد ما نقصده من الودائع الثابتة والمتحركة.
........................................ صفحة : 23
تقسيم الودائع الى ثابتة ومتحركة
الودائع الثابتة، (الودائع لأمد) عبارة عن المبالغ التي يودعها أصحابها في البنك بقصد الحصول على دخل عن هذا الطريق يتمثل فيما يتقاضونه من الفوائد، وهؤلاء قد يستهدفون استثمار أموالهم عن هذا الطريق باستمرار، وقد يقدمون على هذا الاستثمار مؤقتا بانتظار فرصة مناسبة للتشغيل.
والودائع المتحركة، (الودائع تحت الطلب التي تكون الحساب الجاري) هي المبالغ التي يودعها أصحابها في البنوك بقصد أن تكون حاضرة التداول والسحب عليها لحظة الحاجة، وفق متطلبات العمل التجاري، أو حاجات المودع كمستهلك.
पृष्ठ 17
ولا يتقاضى هؤلاء عادة فائدة من البنوك على هذه الودائع، كما انها تكون تحت الطلب دائما، بمعنى ان البنك يلتزم بدفعها متى ما طولب بذلك، خلافا للودائع الثابتة، فان أصحابها يتقاضون فوائد عليها ولا يلتزم البنك بدفعها فورا متى طولب بذلك.
وهناك قسم ثالث من الودائع، تلتقي فيه خصائص القسمين السابقين وهو ودائع التوفير التي يودعها الموفرون في البنك وينشؤون بذلك حسابا في دفتر خاص واجب الترقيم عند كل سحب أو إيداع. وتلتقي ودائع التوفير مع الودائع المتحركة في
........................................ صفحة : 24
إمكان السحب منها متى شاء المودع، خلافا للودائع الثابتة التي لا يلتزم البنك بوضعها تحت الطلب دائما. كما ان ودائع التوفير تلتقي مع الودائع الثابتة فيما تفرضه البنوك الربوية من فوائد للموفرين كما تفرضها لأصحاب الودائع الثابتة.
ونظرا الى ان البنك يسمح للموفر بالسحب من حسابه متى شاء، ورغبة منه في إغرائه بعدم السحب مهما أمكن، يكتفي بتقييد فائدة لحساب العميل الموفر على أساس أدنى رصيد في حساب التوفير خلال الشهر.
وإذا أردنا أن نقسم الودائع تقسيما يشمل ودائع التوفير أيضا أمكن ان نقرر: أن الودائع إما ودائع تحت الطلب، أو ودائع لأمد. والقسم الأول هو الودائع المتحركة (الحساب الجاري)، والقسم الثاني ينقسم بدوره الى: ودائع ثابتة، وودائع توفير. ولكنا الآن سوف نتحدث بصورة رئيسية عن القسمين الأساسيين وهما: الودائع الثابتة، والودائع المتحركة، وفي ختام الحديث عن الودائع الثابتة سوف ندرس موقف البنك اللاربوي من ودائع التوفير وأوجه الفرق بينه وبين موقفه من الودائع الثابتة.
........................................ صفحة : 25
पृष्ठ 18
تنظيم علاقات البنك في مجال الودائع الثابتة
أن عملية إيداع هذه الودائع الثابتة لدى البنك- أي إقراضها للبنك- وعملية تقديمها من قبل البنك لرجال الأعمال المستثمرين يمكن دمجهما في علاقة واحدة تسمى في مصطلحات الفقه الإسلامي ب «المضاربة».
مفهوم المضاربة في الفقه الإسلامي:
والمضاربة يختلف مفهومها في الفقه الإسلامي عن مصطلحها في الاقتصاد الحديث. فهي في الفقه الإسلامي: عقد خاص بين مالك رأس المال والمستثمر على إنشاء تجارة يكون رأسمالها من الأول والعمل على الآخر، ويحددان حصة كل منهما من الربح بنسبة مئوية، فإن ربح المشروع تقاسما الربح وفقا للنسبة المتفق عليها، وإن ظل رأس المال كما هو لم يزد ولم ينقص لم يكن لصاحب المال إلا رأس ماله، وليس للعامل شي ء. وان خسر المشروع وضاع جزء من رأس المال أو كله تحمل صاحب المال الخسارة، ولا يجوز تحميل العامل المستثمر وجعله ضامنا لرأس المال الا بأن تتحول العملية الى إقراض من صاحب رأس المال للعامل، وحينئذ لا يستحق صاحب رأس المال شيئا من الربح. «1»
........................................ صفحة : 26
هذه هي الصورة العامة للمضاربة في الفقه الإسلامي.
أعضاء المضاربة المقترحة:
ولكي نقيم العلاقات في البنك اللاربوي على أساس المضاربة بالنسبة إلى الودائع الثابتة يجب ان نتصور الأعضاء المشتركين في هذه المضاربة ونوعية الشروط والالتزامات والحقوق لكل واحد منهم.
إن الأعضاء المشتركين في المضاربة ثلاثة:
1- المودع بوصفه صاحب المال ونطلق عليه اسم (المضارب) 2- المستثمر بوصفه عاملا ونطلق عليه اسم (العامل أو المضارب) 3- البنك بوصفه وسيطا بين الطرفين ووكيلا عن صاحب المال في الاتفاق مع العامل.
ولكي نعرف النظام الذي يتبعه البنك في المضاربة بالودائع الثابتة لا بد ان نشرح الشروط التي يجب توفرها في أعضاء المضاربة ثم نحدد حقوق كل واحد منهم.
पृष्ठ 19
شروط الأعضاء
إن البنك بوصفه الوسيط بين رأس المال والعمل لا يقوم بدوره هذا في الوساطة والتوكل عن صاحب المال إلا في حالة توفر شروط معينة في المودع وفي العامل المستثمر.
........................................ صفحة : 27
الشروط المفروضة على المودع:
يشترط البنك في توكله عن المضارب أي المودع واستثمار وديعته عن طريق المضاربة ما يلي:
1- أن يلتزم المودع بملزم شرعي بإبقاء وديعته مدة لا تقل عن ستة أشهر تحت تصرف البنك، فاذا لم يوافق المودع على ذلك لم يسمح له بالاشتراك في عقود المضاربة، ولم يقبل البنك التوكل عنه في هذا المجال.
2- أن يقر المودع ويوافق على الصيغة التي يقترحها البنك للمضاربة والشروط التي يتبنى إدراجها في تلك الصيغة.
3- أن يفتح المودع وديعة ثابتة حسابا جاريا مع البنك وهذا الشرط قابل للتغيير تبعا لظروف الاستثمار وحاجة البنك الى الودائع ليضارب بها، فقد يرفع هذا الشرط عند الحاجة الى ودائع ثابتة للمضاربة ليكون ذلك مشجعا على استقدام مودعين جدد.
ولا يعتبر بعد ذلك حجم معين في الوديعة الثابتة التي تدخل مجال المضاربة بل يمكن قبولها ولو بلغت من الضالة إلى درجة لا تتيح إنشاء مضاربة مستقلة على أساسها، لأن البنك لا يربط كل وديعة بمضاربة مستقلة، وانما تمتزج كل وديعة بغيرها في بحر الودائع الثابتة، وتنصب عقود المضاربة على مجموعات من هذا البحر، فلا مانع من ضالة حجم الوديعة الثابتة التي يتقدم بها المودع.
........................................ صفحة : 28
الشروط المفروضة على المستثمر:
وأما شروط التوسط بالنسبة للمضارب أي العامل المستثمر التي لا يقدم البنك بدونها على التوسط بينه وبين المودعين والاتفاق معه على المضاربة بعمولة فهي:
1- أن يكون أمينا، وأن يشهد على أمانته ووثاقته شخصان يعرفهما البنك.
पृष्ठ 20
2- أن تحصل للبنك القناعة الكافية بكفاءة المستثمر وقدرته على استثمار الأموال التي سيأخذها من البنك في مجال قليل المخاطرة، أو على الأقل يتوقع البنك فرصة طيبة في ذلك المجال، وأن تكون للمستثمر خبرة سابقة في المجال الذي سيستثمر المال فيه.
3- أن تكون العملية التي يريد العامل استثمار المال فيها محددة ومفهومة لدى البنك بحيث يستطيع البنك أن يقدر نتائجها ويدرس احتمالاتها.
4- يفضل من كان له سبق تعامل مع البنك وسابقة حسنة، على غيره.
5- أن يخضع للشروط التي يمليها البنك عليه في العرض، وهي:
أ- الشروط التي تتعلق بتقسيم الأرباح وفقا لما يأتي بعد لحظات.
ب- أن تكون جميع الأعمال المالية للمستثمر المتصلة بذلك الاستثمار الخاص بواسطة البنك، بأن
........................................ صفحة : 29
يفتح فيه الحساب الجاري للمضاربة ويودع فيه ودائعها المتحركة.
ج- أن يلتزم بسجلات دقيقة ومضبوطة في حدود استثمار مال المضاربة (وقد يمكن إلزامه بأن تكون قانونية وذلك بشهادة محاسب قانوني) «1».
د- أن يفتح البنك إضبارة لكل عملية مضاربة يرفق فيها كل ما يتعلق بتلك العملية من
........................................ صفحة : 30
مخابرات تبدأ بعقد المضاربة الموقع عليه من قبل العامل، ويشترط على العامل أن يزود البنك بجميع المعلومات عن سير دورة حياة عملية المضاربة من ساعة تنفيذ عقد المضاربة، أي من ساعة شراء المادة المتفق عليها، وما شاكل ذلك، حتى انتهاء العقد، وتشمل هذه المعلومات تقلبات الأسعار الواقعة فعلا والمحتملة من قبل العميل، وأسعار البيع التي تقل عن أسعار الشراء.
وطريقة الاتصال بالبنك وتزويده بهذه المعلومات يحددها البنك نفسه، وباستطاعته أن يهيأ استمارات لهذا الغرض، على أن يكون للعميل الحق في الاتصال التلفوني إذا كان ذلك ضروريا.
وهناك شروط خاصة بالعمل نفسه وظروفه، تختلف من عمل إلى آخر، لا يمكن تحديدها بصيغة عامة.
पृष्ठ 21
ولدى توفر شروط التوكل بالنسبة إلى المودع والمستثمر يقوم البنك بدوره كوسيط في المضاربة بعد أن يدرس ربحية المشروع الذي تقدم العامل طالبا تمويله عن طريق المضاربة على ضوء مختلف الظروف الموضوعية.
وعلى البنك أن يسعى جاهدا لتوفير المضاربة الناجحة، ولا يجوز له تأجيل استثمار الودائع الثابتة التي يتسلمها ولا التماهل في تهيئة الفرصة المناسبة للمضاربة الناجحة بها بقصد توفير سيولة نقدية في خزانته، أو إيثارا لاستثمار أمواله الخاصة على أموال المودعين.
........................................ صفحة : 31
حقوق الأعضاء
حقوق المودع:
العضو الأول يتمثل في أصحاب الودائع، أي المجموع الكلى للمودعين لتلك الودائع، بمعنى أن كل وديعة تظل محتفظة بملكية صاحبها لها ولا تنتقل ملكيتها إلى البنك عن طريق القرض كما يقع في البنوك الربوية، غير أن الودائع لا يبقى بعضها منعزلا عن بعض بل يستعمل البنك بإذن أصحاب الودائع الإجراء الشرعي الذي يجعل مجموع الودائع ملكا مشاعا لمجموع المودعين ويكون لكل مودع من هذا المجموع بمقدار نسبة وديعته إلى مجموع الودائع. وبذلك يصبح صاحب المال في عقد المضاربة هو المجموع الكلى للمودعين الذي يمثل البنك إرادته بوصفه وكيلا عنهم كما سيأتي. وأي وديعة ثابتة ترد إلى البنك تدخل في بحر الودائع الثابتة الذي يشتمل على المجموع الكلى لتلك الودائع.
ولدى تحديد حقوق المودعين لهذه الودائع الذين يمثلون العضو الأول في المضاربة يجب أن تحدد هذه الحقوق بالشكل الذي ينسجم مع الإسلام ويحافظ على الدوافع التي تدفع أصحاب الودائع فعلا إلى إيداع أموالهم، لأننا إذا لم نحتفظ بهذه الدوافع فسوف ينصرف أصحاب الودائع عن الإيداع لدى البنك اللاربوي ويتجهون إلى البنوك الربوية.
........................................ صفحة : 32
وإذا درسنا الدافع الذي يدفع المودعين نجد أنه مكون من العناصر التالية:
पृष्ठ 22
أ- كون الوديعة مضمونة، فإن البنوك الربوية تضمن الوديعة لصاحبها بوصفها قرضا.
ب- الدخل الذي يدفعه البنك الربوي لصاحب الوديعة الثابتة باسم الفائدة.
ج- قدرة المودع على استرجاع الوديعة أو السحب عليها في نهاية الأجل الذي يحدد.
1- ضمان الوديعة:
أما العنصر الأول فيمكننا أن نحتفظ به لصاحب الوديعة في البنك اللاربوي بضمان ماله لا عن طريقة اقتراض البنك للوديعة كما يقع في البنوك الربوية ولا عن طريق فرض الضمان على المستثمر، لأنه يمثل دور العامل في عقد المضاربة، ولا يجوز شرعا فرض الضمان عليه، بل يقوم البنك نفسه بضمان الوديعة والتعهد بقيمتها الكاملة للمودع في حالة خسارة المشروع، وليس في ذلك مانع شرعي، لأن مالا يجوز هو أن يضمن العامل رأس المال، وهنا نفترض أن البنك هو الذي يضمن لأصحاب الودائع نقودهم، وهو لم يدخل العملية بوصفه عاملا في عقد المضاربة لكي يحرم فرض الضمان عليه. بل بوصفه وسيطا بين العامل ورأس المال فهو إذن جهة ثالثة يمكنها أن تتبرع لصاحب المال
........................................ صفحة : 33
بضمان ماله «1»، ويقرر البنك هذا الضمان على نفسه بطريقة تلزمه شرعا بذلك «2»، فيتوفر بذلك للمودعين العنصر الأول من عناصر الدافع الذي يدفعهم إلى الإيداع.
2- الدخل:
وأما العنصر الثاني وهو الدخل الثابت الذي يتقاضاه المودعون من البنك الربوي باسم الفائدة، فنعوض عنه في أطروحة البنك اللاربوي بوضع نسبة مئوية معينة من الربح للمودعين بوصفهم أصحاب المال في عقد المضاربة، فإن لصاحب المال في عقود المضاربة نسبة مئوية من الربح يتفق عليها في العقد بينه وبين العامل.
पृष्ठ 23
ويرتبط دخل المودعين على هذا الأساس بنتائج المشروع الذي يمارسه عامل المضاربة، فإن ربح المشروع كانت لهم نسبتهم المقررة من الربح، وإن لم يربح لم يكن لهم شي ء، خلافا للفائدة التي تدفعها البنوك الربوية إلى المودعين بقطع النظر عن نتائج المشروع التي استغلت الأموال المودعة فيه، غير أن احتمال عدم الربح بشكل مطلق يعتبر في أكثر الظروف احتمالا ضعيفا، وقد يصبح مجرد احتمال نظري، لأن وديعة كل فرد لن ترتبط بمفردها بمضاربة مستقلة لكي يتوقف ربح صاحبها على نتائج تلك المضاربة المحدودة. بل إنها سوف تمتزج بغيرها من الأموال النقدية في بحر الودائع الثابتة، ويدخل المودع كمضارب في جميع المضاربات التي يعقدها البنك على مجاميع مختلفة من ذلك
........................................ صفحة : 34
البحر، وتكون حصته من المضاربة في كل عقد بنسبة وديعته إلى مجموع الودائع الثابتة. وعلى هذا، فيتوقف احتمال عدم الربح على ان لا تربح جميع المضاربات التي أنشأها البنك والمشاريع التي ارتبط بها على أساس المضاربة، إذ في حالة ربح بعضها يوزع ذلك الربح على الجميع بالنسب بعد تغطية ما قد يتفق من خسائر.
पृष्ठ 24
وأرى، بحكم الظروف الموضوعية التي تحيط بالبنك اللاربوي، أن لا تقل النسبة المائوية من الربح التي تخصص للمودعين عن الفائدة التي يتقاضاها المودع في البنك الربوي، لأنها إذا قلت عن الفائدة انصرف المودعون عن إيداع أموالهم في هذا البنك إلى البنوك الربوية التي تدفع الفائدة. وعلى هذا الأساس أقترح أن تحدد- منذ البدء- فكره تقريبية عن نسبة الربح إلى رأس المال وفقا لظروف العمل التجاري في كل ظرف ويفترض للمودعين نسبة معينة من الربح لا تقل نسبتها إلى رأس المال- أي الوديعة- عن نسبة الفائدة إليه. فعلى سبيل المثال إذا كان المجموع الكلى للودائع قد بلغ مائة ألف دينار وكانت الفكرة التقريبة عن نسبة الربح إلى رأس المال المستثمر طيلة عام كامل هي 20 أي أن ربح الماءة ألف في نهاية العام 20 ألف دينار وافترضنا أن الفائدة التي تدفعها البنوك الربوية هي 5 أي أنها تدفع خمسة آلاف دينار فائدة على وديعة تبلغ مائة ألف دينار، فيجب أن لا تقل النسبة المائوية التي تقرر في البنك اللاربوي للمودعين عن 25 من الربح لكي لا تنقص عن سعر الفائدة.
........................................ صفحة : 35
وأضيف إلى هذا أن النسبة المائوية المعاطاة للمودعين من الربح يجب أن تزيد شيئا ما على سعر الفائدة لكي يساوي عرض البنك اللاربوي عروض البنوك الربوية في قوة الإغراء والجذب لرؤوس الأموال، وذلك لأن الفائدة حتى إذا تساوت بموجب التقديرات التقريبة مع النسبة المقررة للمودع من الربح يظل للفائدة الربوية إغراؤها الخاص على أساس أن البنك الربوي يدفعها على أي حال، بينما البنك اللاربوي لا يرى المودع مستحقا لشي ء في حالة عدم الربح. وتداركا لذلك يجب أن يزاد في النسبة المائوية للربح بدرجة تصبح أكثر من الفائدة.
أما قدر هذه الزيادة فتحدده درجة احتمال عدم الربح التي د تختلف من ظرف لآخر «1» فكلما تناقصت درجة احتمال ........................................ صفحة : 36
पृष्ठ 25
عدم الربح تناقصت الزيادة، والعكس صحيح أيضا، فإذا فرضنا أن سعر الفائدة في السوق هو 5 وأن احتمال عدم الربح هو 10 فإن الزيادة ستكون: معدل سعر الفائدة احتمال عدم الربح الناتج عن المضاربة أي 100/ 5 100/ 10 220/ 1، ويكون مجموع المعطى للمودع 100/ 5+ 100/ 2 1000/ 55 من حجم الوديعة.
ونترجم هذه النسبة إلى «النسبة إلى الربح» المتحقق نتيجة للمضاربة، وذلك كما يلي في هذا المثال: لو فرضنا أن نسبة الربح المتوقع هو 20 من رأس المال وأن رأس المال هو 1000 دينار كان هذا يعني أن الربح سيكون 200 دينارا، بينما الربح المستحق للمودع بموجب النسبة السابقة هو 55 دينارا، وعليه تكون النسبة المائوية لحصة المودع من الربح تساوي:
200/ 55 100 5 ر 27 أو 1000/ 275 من الربح.
قبل دخول الوديعة مجال الاستثمار:
وبالرغم من أنا وفرنا للمودع حصة من الربح تساوي أو تقارب في إغرائها الفائدة التي تعرضها البنوك الربوية على المودعين فيها، فإن هناك فارقا يبقى بين المودع في البنك الربوي وبين المودع في البنك اللاربوي، وهو أن الأول يبدأ استثماره لماله منذ اليوم الأول إذ تحسب له فوائد الوديعة من حين إيداعها، بينما لا يحصل الثاني على النسبة المائوية من الربح الا من حين استثمار وديعته ودخولها في مجال عقد المضاربة وظهور الربح،
........................................ صفحة : 37
أي ان كل وديعة تمر عادة بفترة زمنية لا يحسب لها خلال هذه الفترة أي دخل، لا على أساس الفائدة ولا على أساس الشركة في الربح، وهي الفترة المتخللة بين إيداع الوديعة والوقت المفروض لدخولها مجال الاستثمار.
وسوف نعالج هذه النقطة فيما بعد عند ما ندرس كيفية تقسيم الأرباح بين البنك والمودعين، وتحديد حصة كل وديعة من مجموع المضاربات.
3- قدرة المودع على سحب الوديعة:
पृष्ठ 26
من الواضح ان المودع للوديعة في البنك الربوي قادر على سحبها في آجال معينة، ويجب ان تعطى فرصة من هذا القبيل بشكل من الإشكال في البنك اللاربوي بالرغم من ان هذا البنك يواجه صعوبة كبيرة بهذا الصدد على أساس ان ودائعه تتحول الى مشاريع تجارية وصناعية لا الى مجرد قروض قصيرة الأجل.
ولكن يمكن للبنك اللاربوي على أي حال ان يحدد نهاية كل ستة أشهر من بداية استثمار الوديعة كأجل يمكن للمودع عند حلوله سحب وديعته وفسخ عقد المضاربة، ويشترط عليه القبول بدفع قيمة وديعته نقدا لا بشكلها المادي المستثمر فعلا في المشروع التجاري مثلا.
وإعطاء فرصة السحب للمودع في نهاية كل ستة أشهر تؤخذ فيه الأمور التالية بعين الاعتبار:
أ- ليس من المفروض أن يحل الأجل الذي يخول للمودع
........................................ صفحة : 38
سحب قيمة وديعته بالنسبة الى جميع الودائع الثابتة بل يمكن ان تحل آجال الودائع في أوقات مختلفة.
ب- المفروض في الحالات الاعتيادية أن لا يواجه البنك حين حلول الآجال المتعاقبة طلبا على قيمة الودائع من أصحابها إلا بنسبة ضئيلة قد لا تبلغ عشر المجموع الكلي للودائع الثابتة.
ج- إن الوديعة التي يسحبها صاحبها في الأجل المحدد لم تدخل كلها في مشروع استثمار واحد لكي يكون سحب قيمته منه مؤديا إلى تضعضعه، وإنما ذابت كل وديعة ثابتة في بحر الودائع الثابتة التي استثمرت في مشاريع عديدة. وعلى هذا فسوف يساهم في تحمل عب ء سحب الوديعة جميع تلك المشاريع بنسبة تركيبها د- يفرض البنك على المشاريع التي تم استثمار الودائع الثابتة فيها الالتزام بدرجة من السيولة النقدية في أوقات محددة من كل عام، وذلك بالنسبة للمشاريع التي لا تتصف بموسمية خاصة في إعمالها.
पृष्ठ 27