आधुनिक वाक्पटुता और अरबी भाषा
البلاغة العصرية واللغة العربية
शैलियों
الإهداء
إلى الأستاذ أحمد أمين
أهدي هذا الكتاب إليك لأنك أنت الذي أوحيت إلي من حيث لا تدري بتأليفه.
مقدمة
كلنا نكتب الآن عن اللغة، وكلنا نشعر بخطورة هذا الموضوع؛ لأننا انتهينا بما نعرفه من اللغات الأوروبية، إلا أن تأخرنا اللغوي في مصر هو سبب من أعظم الأسباب لتأخرنا الاجتماعي، وقد كان الثقاب الذي أشعل هذا الموضوع في وجداني، وبعثني على تأليف هذا الكتاب؛ مقالا نشره الأستاذ (أحمد أمين) في مجلة الثقافة، أوضح فيه أن معاني الكلمات تتغير حين يتغير الزمان والمكان؛ أي حين يتغير المجتمع الذي تستعمل فيه الكلمات، ويمكن للقارئ أن يعيد هذا الكتاب شرحا وتعليقا، وتوسعا في معاني هذا المقال.
واللغة المثلى هي: التي لا تلتبس كلماتها، ولا تنساح معانيها، ولا تتشابه عن بعد أو قرب؛ بل هي التي تؤدي المعاني في فروق واضحة كالفروق بين رقمي 5 و6. ثم هي اللغة الثرية الخصبة، التي يحتاج إليها المتمدنون؛ بل هي التي تتسع أيضا لاختراع الكلمات الجديدة، التي تتطلبها الحاجات النامية المتزايدة لهؤلاء المتمدنين.
وفي مصر طبقة من الكتاب حاولت، ولا تزال تحاول، استخدام اللغة العربية وسيلة من الوسائل الأدبية؛ لاسترداد الأمس. بل إن عندنا من اللغويين من يتحدث عن اللغة العربية كما يتحدث المستشرقون الأوروبيون عن اللغة السنسيكريتية، ولكن مع فرق أصيل، فإن هؤلاء لا يحاولون إحياء الميت من الكلمات السنسيكريتية، ولكن أولئك يحاولون هذا الإحياء للكلمات العربية، حين كان يجب عليهم، لو كانوا على وجدان بالعصر الحديث، أن يدفنوها، ومعظم هذه الطبقة يتألف من معلمي اللغة العربية في مدارسنا.
وليس في هذه الدنيا شيء هو أثمن من اللغة الحسنة؛ لأننا نفكر، وننبعث بالكلمات، وسلوكنا في البيت، والشارع، والحقل، والمصنع هو قبل كل شيء سلوك لغوي؛ لأن كلمات اللغة تقرر لنا الأفكار، والانفعالات، وتعين لنا السلوك كما لو كانت أوامر، بل نستطيع أن نقول: إن سيادة البريطانيين على الهنود، أو المتمدنين على المتوحشين، هي إلى حد ما سيادة لغوية؛ أي: مجموعة خصبة وافية من كلمات المعارف، والأخلاق، تحدث براعة في الفن، وتوجيها في السلوك، يؤديان إلى السيادة، وأحيانا إلى العدوان.
وحين تحرم لغتنا من كلمات الثقافية العصرية، تحرم أيضا الأمة المعيشة العصرية. فنحن مازلنا نعيش بكلمات الزراعة، ولم نعرف كلمات الصناعة؛ ولذلك فان عقليتنا عقلية قديمة، جامدة، متبلدة، ترجع إلى الماضي حتى إننا نؤلف في ترجمة معاوية بن أبي سفيان في الوقت الذي كان يجب أن نؤلف فيه عن هنري فورد، عبرة الصناعة في عصرنا، أو عن الذرة وعبرتها للمستقبل.
والدعوة إلى لغة عصرية هي في صميمها دعوة إلى المعيشة العصرية؛ لأن الكاتب، حين يستبيح اعتناق الكلمات العلمية كما هي بلا ترجمة، إنما هو في الواقع يستبيح حضارة العلم، والمنطق، والرقي، الصناعي، بدلا من حضارة الآداب، والعقائد، والزراعة.
अज्ञात पृष्ठ