आधुनिक वाक्पटुता और अरबी भाषा
البلاغة العصرية واللغة العربية
शैलियों
وهذا الأدب الجديد يشرع في التساؤل عن قيمة التسليم المطلق بحكمة القدماء وأساليبهم في العيش بل فلسفة العيش، ثم يشرع في النظر إلى المستقبل؛ لأن الابتكار المطرد في الصناعة يبعث في نفس الأديب إحساس الابتكار أيضا والإيمان بأن الارتقاء ممكن ولكن عندما يتغير نظام الزراعة الإقطاعي يبقى التفكير الإقطاعي جملة سنوات قبل أن يتغير، وهذه هي حالنا الآن.
فنحن قد شرعنا في تغيير أسلوبنا في العيش شرعنا فقط ونحاول أن ننتقل من الزراعة إلى الصناعة ولكن كتابنا وشعراءنا وأدباءنا لا يزالون يتعلقون بالقيم الإقطاعية: احترام القدماء بأشخاصهم وعقائدهم.
وعندما أجد في مصر كاتبا يكره الشبان ويصفهم بالنزق؛ لأنهم يجرءون على استعمال حريتهم، أو لأنهم يهملون عادات القدماء أو حين يخشى المستقبل كما يخشى حرية المرأة والمساواة بين الجنسين عندما أجده على هذا الحال أسأل: هل هو نشأ في الريف حيث الوسط الإقطاعي؟ هل هو يملك عزبة ويعيش منها؟ هل هو من الوارثين لأرض زراعية؟ والأغلب أني أجده كذلك؛ أي أجد أنه نشأ في وسط حضارة زراعية إقطاعية قد تخلق بأخلاقها وأخذ بقيمها، فهو يحب الشعر في مدح الملوك بل هو لا يخجل إذا كان شاعرا مثل: «علي الجارم» من أن يؤلف قصيدة يزعم فيها أن الجمل قد خرج من المجزر ناجيا بنفسه مستغيثا بفاروق في قصر عابدين!
وهو يتعلق بالأساليب القديمة عندما يكتب، وهو يؤلف عن القدماء بل هو يدخل في مناقشتهم بشأن العقائد، كما لو كان يعيش في عصرهم، ثم هو يسب الشبان ويستصغر شأن المرأة، بل يحتقرها، وأخيرا يحتقر المستقبل ويقول بالعودة إلى أساليب العيش في الماضي، وعندنا أدباء، أو بالأحرى كتاب على هذه الحال قد تغيرت حضارتنا التي يعيشون فيها إنتاجا واستهلاكا ولكن عقولهم لم تتغير إذ هي تحيا على الثقافة القديمة والقيم القديمة؛ ولذلك كثيرا ما أشتبك في مناقشة مع أحد هؤلاء الكتاب، فيعمد من فوره إلى أساليب القدماء ويجادلني بكلمات الدين حتى لقد وصفني أحدهم بأني «غير عربي»؛ أي أني قبطي، أي مسيحي.
وهذا هو بلا شك أسلوب القدامى حين كانت العقائد الدينية كل الثقافة. ولا ثقافة غيرها، وهذا الالتجاء إلى سلاح الدين يتساوق مع سائر مبادئه في الثقافة الإقطاعية، إذ هو يكره حرية المرأة، ويكره حرية الشبان، ويكره المستقبل حتى ليستصغر شئون العلم، أليس العلم للمستقبل؟
الجمود الحاضر في اللغة العربية من حيث الكراهة للكلمات العلمية، وكراهة استعمالها بأسمائها التي سماها بها مخترعو الآلات أو مكتشفو العناصر والأشياء، ثم بعد ذلك كراهة أي تغير في كتابة حروفنا الناقصة التي لا تخدمنا الخدمة اللازمة في عصرنا؛ هذا الجمود هو أحد صفات الثقافة الزراعية الإقطاعية الراكدة.
إنهم يكرهون المستقبل، ويكرهون الشبان، ويكرهون المرأة، ويكرهون العلم، ويكرهون العقل، ويكرهون التطور، ويؤثرون على كل ذلك العقيدة.
إنهم عبء علينا، وحجر طاحون معلق بأعناقنا يعوق حركتنا الارتقائية. •••
اعتبر مثلا مسألة الحروف العربية والحروف اللاتينية.
فنحن حين انتقلنا من البيئة الريفية إلى سكن المدن وركوب الترام والقطار والأتومبيل بل الطائرة؛ احتجنا إلى أن نبذل نشاطا أكثر، كما احتجنا إلى أن نتخفف من الملابس فاتخذنا البنطلون؛ لأنه يزيد حرية الحركة في الساقين وتركنا الجلابيب والقفاطين التي كنا نلبسها في القرية، ولا تنس أيها القارئ المشابهة بين جلابيبنا وقفاطيننا السابقة وبين ملابس النساء، فإنها جميعها فضفافه توحي بالراحة والدعة ولا توحي بالنشاط والحركة، أليس الجلباب أليق للنوم والركود منه للسعي والتنقل؟
अज्ञात पृष्ठ