आधुनिक वाक्पटुता और अरबी भाषा
البلاغة العصرية واللغة العربية
शैलियों
وعناية الفرنسيين بتعليم لغتهم في المدارس تفوق أية عناية تبذلها أمة أخرى في تعليم لغتها لأبنائها، ويجب لذلك أن تكون الرسالة التعليمية الأولى لأية مدرسة مصرية هي تعليم اللغة العربية، وأن تكون غاية هذا التعليم إيجاد الكلمات التي تحرك ذكاءنا بالتفكير الحسن، وأن يكون هدف المعلم ليس العبارة الجميلة بل الكلمة الناجحة التي لا يمكن أن تقوم مقامها كلمة أخرى.
ولهذا يجب أن نتجه نحو الأسلوب الاقتصادي المضغوط؛ فنقاطع المترادفات ولا نحمل التلميذ عبء كلمات لا ينتفع بها في تفكيره العصري؛ فإن من يدرس ديوان المتنبي يجد فيه نحو ألف كلمة جديدة غير مألوفة في الصحف أو الكتب العصرية. ولكن هذه الكلمات لا يمكن للشاب المصري أن ينتفع بها في عصرنا؛ لأنها تصف مجتمعا حربيا يخالف مجتمعنا، وهي لا تحرك ذكاءنا أو تحدد المعاني لمعارفنا، كما أنها لا تكسبنا الاتجاه الأخلاقي أو الفلسفي.
وفي هذا القرن العشرين الذي نعيش فيه تحتاج كل لغة متمدنة إلى أن تحوي الكلمات الاجتماعية البارة التي توجه نحو الخير والكلمات العلمية والفنية التي تصف وتعالج مائة وعشرين علما وفنا ومجتمعنا يجب أن يكون - في أكثره - مجتمع المعارف والمنطق وفي أقله مجتمع العقائد والعاطفة؛ ولذلك يجب أن تحوي كل لغة كلمات المعرفة الدقيقة التي لا تلتبس مع كلمات أخرى حتى إذا فكرنا بها سار تفكيرنا على مستوى الذكاء الذي يمكننا من أن نعيش المعيشة العلمية في مجتمع علمي.
وخلاصة القول أنه يجب علينا: (1)
أن نعنى أكبر العناية بتعليم أبنائنا لغتهم الوطنية؛ لأنها وسيلة التفكير التي تحرك ذكاءهم وهي - لذلك - أثمن مؤسساتنا. (2)
أن تكون البلاغة بلاغة المنطق والمعرفة، بدلا من بلاغة الانفعال والعقيدة كما يجب أن نتوقى المترادفات والكلمات الملتبسة، وأن نميز بين الكلمة الذاتية والكلمة الموضوعية. (3)
أن يتأنق التلميذ في تعبيره، ولكن تأنق الذكاء وليس تأنق البهرجة البديعة. (4)
أن يحس المشرفون على اللغة أن كل تقصير في إيجاد الكلمات التي تؤدي إلى الفهم العلمي؛ إنما هو تعطيل لتطور الأمة. (5)
أن نذكر أنه على قدر ارتقاء اللغة ووفرة كلماتها ودقة معانيها؛ يكون الانتفاع بذكاء أبناء الأمة.
الفصل التاسع عشر
अज्ञात पृष्ठ