आधुनिक वाक्पटुता और अरबी भाषा
البلاغة العصرية واللغة العربية
शैलियों
وموضوعنا بأخصر عبارة هو: أن كلماتنا التي نتحدث بها ونقرأها تعين أخلاقنا وسلوكنا الاجتماعي، فنحن فضلاء أو أرذال باللغة، ونحن عقلاء أو مجانين باللغة كما نحن علماء أو جهلاء باللغة اعتبر أيها القارئ شابا ريفيا في مديريات سوهاج أو قنا أو أسيوط وقد نشأ وتربى وسمع بأذنه وتكرر سماعه لكلمات الثأر والانتقام والدم؛ فإن هذه الكلمات حين ينطق بها تصور له صورا فكرية معينة وتحمله على أن يسلك السلوك الإجرامي بقتل خصومه لأوهى الأسباب، بل إنه يفهم كلمات الشرف والعرض والسمعة على غير ما يفهم الشاب في القاهرة أو الإسكندرية؛ ولذلك ما هو أن يرى أخته تتحدث إلى أحد الشبان حتى تستطير هذه الكلمات عقله وتلهب عاطفته، فيجمع إلى معانيها معاني الكلمات الأخرى: الدم والثأر والانتقام ثم يكون قتل الأخت.
كلمات تؤدي إلى جرائم
ولا يمكن أن نقول إن جرائم العرض في قنا وجرجا وأسيوط أكثر مما هي في القاهرة أو الإسكندرية؛ ولكن جرائم الدفاع عن العرض أكثر؛ لأن هذه الكلمات؛ أي الثأر والدم والانتقام مألوفة في الصعيد أكثر مما هي مألوفة بين سكان الوجه البحري والقاهرة.
جرائم الدفاع عن العرض التي تذكر لنا صحفنا كل يوم جريمة أو اثنين منها هي جرائم لغوية لا أكثر إما لوجود كلمة كان لا يصح أن توجد وإما بتحميلها معنى كان يجب ألا تحمله، أو اعتبر كلمتي الحسد والشماتة فإنهما تبعثان في النفس أسوأ الإحساسات، وكنا نكون أطيب قلوبا لو أننا لم نتعلمها، بل هناك من الكلمات البذيئة التي نسمعها من صغار الباعة الجائلين، ومن أمثال الحشاشين مما يتصل بالشئون الجنسية ما يعين لنا سلوكا أو اتجاها جنسيا؛ لأن الكلمة إيحاء مهما ظننت أنك خلو منه فإنك تحسه من حيث لا تدري إذ هو يتصل بعاطفتك. الكلمة فكرة، والفكرة إحساس، وقد يحتد الإحساس فيصير عاطفة، بل عاطفة جنونية.
وأنا الآن أدلك أيها القارئ على حوادث من الجنون تتكرر في مصر بسبب اللغة.
اعتبر سيدة أنيقة جميلة تعتني بهندامها وتعجب بقامتها ووجهها قد اقتربت من سن الثامنة والأربعين أو التاسعة والأربعين، ثم وجدت توعكا أو توترا؛ فلما استشارت الطبيب قال لها: إن حالتها تعد طبيعية في سنها سن اليأس.
يأس؟ من منا يسمع هذه الكلمة ولا يضطرب؟
الواقع أن جميع نسائنا يضطربن لهذه الكلمة، وقد يزيد الاضطراب بسبب الضرة أو الحماة أو الخوف من الطلاق فيصير جنونا، أو على الأقل شذوذا يلفت النظر ويحتاج إلى العلاج.
ولو أننا استبدلنا بكلمتي سن اليأس سن الحكمة، أو سن النضج؛ لكان لهذا المعنى الإنساني توجيه آخر نحو الأمل، والنشاط، ولكان منه سبب لسعادة نسائنا بدلا من شقائهن.
وأستطيع أن أزيد في أمثلة الجنون أو الشذوذ الذي ينشأ من الكلمات السيئة، وخاصة من تلك الكلمات التي تتصل بالعلاقات الجنسية والتي تعين لنا أسماء؛ أي معاني بذيئة لأعضاء الخلود البشري؛ لأننا حين نصف الأعضاء بالنجاسة ، أو نسميها «سوأة» إنما نصم التعارف الجنسي بأسوأ الوصمات، ونجعل منه جريمة مستترة، ونحيل أشرف عاطفة بين الزوجيين إلى دنس وخسة وعيب، وعندئذ يصطبغ الاتصال الزوجي بكل المعاني.
अज्ञात पृष्ठ