बहर मुहीत
البحر المحيط في أصول الفقه
प्रकाशक
دار الكتبي
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
1414 अ.ह.
प्रकाशक स्थान
القاهرة
الشَّرْعِ. فَنَفَى الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ قَبْلَ الشَّرْعِ، وَهَذَا وَنَحْوُهُ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ مَا بِهِ الِاتِّفَاقُ قَدْ يَكُونُ مَوْضِعَ الْخِلَافِ، وَنَظِيرُهُ الْخِلَافُ فِي النَّسْخِ وَالْبَدَاءِ.
وَبِهَذَا التَّحْرِيرِ يَخْرُجُ لَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ: أَحَدُهَا: أَنَّ حُسْنَ الْأَشْيَاءِ وَقُبْحَهَا وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ عَلَيْهَا شَرْعِيَّانِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَشْعَرِيَّةِ، وَالثَّانِي: عَقْلِيَّانِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ حُسْنَهَا وَقُبْحَهَا ثَابِتٌ بِالْعَقْلِ، وَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الشَّرْعِ، فَنُسَمِّيهِ قَبْلَ الشَّرْعِ حَسَنًا وَقَبِيحًا، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ إلَّا بَعْدَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَسْعَدُ بْنُ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيّ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَأَبُو الْخَطَّابِ مِنْ الْحَنَابِلَةِ، وَذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَحَكَوْهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ نَصًّا. وَهُوَ الْمَنْصُورُ، لِقُوَّتِهِ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ وَآيَاتُ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ وَسَلَامَتُهُ مِنْ التَّنَاقُضِ وَإِلَيْهِ إشَارَاتُ مُحَقِّقِي مُتَأَخِّرِي الْأُصُولِيِّينَ وَالْكَلَامِيِّينَ، فَلْيُتَفَطَّنْ لَهُ. فَهَاهُنَا أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: إدْرَاكُ الْعَقْلِ حُسْنَ الْأَشْيَاءِ وَقُبْحَهَا، وَالثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ كَافٍ فِي الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ شَرْعٌ، وَلَا
1 / 191