============================================================
العبد بهداية الرب جل جلاله، فلا نقول بأن الإيمان مخلوق أم غير مخلوق، بل نقول: من العبد الإقرار باللسان والتصديق بالقلب، ومن الله تعالى الهداية والتوفيق(1).
(1) يقول الإمام الصفار في "تلخيص الأدلة" ص193 ما ملخصه: "وإنما كان طريق معرفة الله دلالات العقل؛ لأنه لا سبيل له إلى رؤية الله في الدنيا، ...، ولقد اعتمد أبو حنيفة رضي الله عنه على دلائل العقل في هذه المعرفة كما روى محمد بن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه قال: لا عذر لأحد الا من الخلق في الجهل بمعرفة خالقه، لما يرى من خلق السماوات والأرض، وخلق نفسه وسائر خلق ربه...، وفي بعض هذه الرواية قال أبو حنيفة: لو لم يبعث الله رسولا لوجب على الخلق معرفته بعقوهم، وعليه اعتمد عامة مشايخنا من المتقدمين والمتأخرين منهم: الإمام أبو منصور الماتريدي السمرقندي قال: إن سبيل الشرع السمع، فأما الدين فإن سبيله العقل" انتهى.
قلت: وقد وقع الخلاف بين العلماء في إيمان المقلدهل هو صحيح أم لا؟ وقد لخص هذه المسألة الإمام أبو الثناء محمود بن زيد اللامشي الحنفي في كتابه "التمهيد لقواعد التوحيد" ص135 حيث قال ما ملخصه: "المقلد من جعل الدين الذي دعي إليه قلادة في عنق الداعي له إليه ...، وجعل ال ذلك قلادة في عنق هذا الداعي إليه على معنى أنه إن كان حقا فحق على الثبات، وإن كان باطلا الا فوباله عليه، فهذا المقلد ليس بمؤمن بلا خلاف؛ لأنه لم يعتقد ما يجب عليه اعتقاده، ولم يصدق في ما جاء به من عند الله تعالى، بل هو شاك في ذلك، والإيمان مع الشك لا يصح، وإنما الخلاف في ل مقلد صدق الداعي في جميع ذلك، واعتقد جميع ما دعاه إليه من غير شك وارتياب لكن بلا دليل.
قال أهل السنة: إيمان المقلد صحيح لأنه أتى بحد الإيمان وحقيقته؛ إذا الإيمان وهو التصديق في اللغة، وهو تصديق محمد ولة بما جاء به من عند الله تعالى عند البعض، والإقرار والتصديق عند العامة، وقد أتى به فيكون مؤمنا، وهكذا روي عن أبي الحسن الأشعري، والمشهور من مذهبه أنه ليس بمؤمن...، فلهذا قلنا: بإنه لابد له من الدليل العقلي في كل مسألة كما قال أبو الحسن الأشعري، إلا أن عنده لا يشترط أن يكون قادرا على العبارة عن ذلك الدليل،...، ثم لا خلاف ال يننا وبين الخصوم في عوام أهل زماننا لأن كل واحد منهم لا يخلو عن ضرب من الاستدلال، وهذا يشتغلون بالتسبيح والتهليل عند ظهور شيء من الأفزاع والأهوال، ويصفون الله تعالى في تلك الحال بكمال القدرة ونفاذ المشيئة، وإنما الخلاف بيننا وبينهم فيمن بلغ على شاهق جبل من الجبال، أو نشأ في قطر من الأقطار، فرآه مسلم ودعاه إلى هذا الدين وبئن له جميع ما يفترض عليه =
अज्ञात पृष्ठ