وقد كان جهز السلطان محمد بن عثمان وزيره وجنوده إلى اليمن، ثم عاقه عن ذلك ما حصل من الحدث من الفرنج، وسيأتي ذكره، وعند هذا تحقق خطأ الرأي الذي كان أراده الإمام من مفاتحة مكة المحروسة، كما سبق ذكره، وصواب شور من أشار بالسكون وتقرير أمره؛ لأنه لو تم له رأيه كان مع هذا المخرج من المشرق، والعسكر في جهة الشام والمغرب، ولا ينبغي لصاحب اليمن إلا الاقتصار على حفظه ونظم أمره وأطرافه، ولا يشتغل بغيره، مع أن مكة المحروسة لا موجب للحركة إليها، ولا ينبغي قصد الحرب فيها، لحرمتها وصلاحها من جهة السلطان، والقيام بها منه في جميع هذه الأزمان، مع أنه لا يقوم بما يعتاد لها ولأهلها غيره على كل حال من الأحوال.
وفي أول صفر وصل الخبر بوفاة السيد الأمير أحمد بن صلاح، الذي يرسله الإمام مع حاج اليمن هذا العام والعام والعام الأول، وكان موته رحمه الله بعد قضاء الحج حال خروجه بمحروس القنفذة. وخرج مع الحاج اليماني الشريف محمد يحيى بن زيد بن محسن بجميع أولاده وحرمه وأخدامه، ووصل إلى اليمن لأجل ما حصل عليهم[61/ب] من كثرة المحن، وكل هذا منه؛ لأن المذكور مغاير لأخيه سعد من أول ولايته لصغر سنه، ولم تطمئن نفسه بالسكون بمكة؛ لأجل ما جرى منه هو وحمود من تلك النكبة السابق ذكرها في الصفراء مع طائفة عسكر السلطان، ولذلك ما زال المذكور متخوفا في هذه السنين بجبال الطائف هو وحمود.
وفي هذا الشهر ظهر مع رجل في صنعاء لقيه من الدراهم القديمة، كل بقشة منها تأتي ببقش اليوم مثل الخمس، فأكثر وزنها قياس الدرهم، وحملها في صرة كبيرة ثلاثمائة درهم رسمها قد انطمس، وبعضه بقش لم يفتهم، وكان لقياها لرجل من قبان في جدار داره، لما أخربه وأراد إصلاحه لقدمه، فأخذها عليه الدولة وقالوا: هي غنيمة، وكان العرض عليه منه الخمس، أو تكون لقطة ولايتها إلى اللاقط[62/أ].
पृष्ठ 375