139

ما يصنع المرء بالدنيا وزخرفها

وجمعها وهو في الأطيان ملحود

بمن مضى لذوي الألباب معتبر

غالت جموعهم السودان والسود

هذا يناهبه الحساد والسفل الأ

وغاد وهو لا ترثي له الدود

الله أنزل آيات مبينة

فيها لمطلق ما يأتيه تقييد

فاعرض على حكمها ما أنت فاعله

تلقى الإله غدا والسعي محمود

[115/أ]وأراد الشاعر المذكور أن البذل كان للبعيد دون أهل البلد القريب فمطرود وفي حيز التشريد، والأمر كما قال بلا إشكال، وكان الولاة العمال معه هم المقدمون في الأقوال والحجة على غيرهم من الرجال، ولا ينال أحد من أرحامه صلة ولا عطية حسنة، ولا أخلاق إليهم مرضية، إلا من كان منهم من ولاته، بل استأثر بالأموال، وأعطاها أولئك الرجال، للتخيل معه أنه يستميلهم إلى مذهبه وطاعته من طلب المحال، والعلماء لا يبذلهم بالعطاء ولا يذكرهم بالإحسان، كما كان عليه سلفه فيما مضى، بل هم عنده في حيز الإهمال، يريد تبعيدهم عنه لا يقربهم؛ لأجل يسلم من الاعتراض عليه في أوامره ونواهيه منهم، فلا قوة إلا بالله، واقتدى به في أيامه سائر ولاته وكذلك من بعده، حتى بلغ بهم الحال النقص في المقررات والعادات التي كانت جاريات. وخطيب صنعاء أيضا أنشد القصائد في الهجو لمحمد بن المتوكل لما نقص عليه ما كان يعتاده، ولم يعطه ما طلب من قضاء دينه، كما كان يعطيه والده، وسافر إلى اليمن الأسفل وأنشد القصائد في مدح أمرائه، للتعرض لعطاهم خصوصا بعد وفاة المتوكل وأحمد بن الحسن، وهذا الخطيب يسمى محمد بن إبراهيم السحولي- بالسين المهملة المضمومة وضم الحاء المهملة -نسبة إلى أصل بلدهم سحوله بأطراف قاع جهران[115/ب].

وكانت العادات السالفة، والتقارير التي كانت أولا ماضية جارية، لا هو أوفى الناس ولا هو عدل في الرعايا بل زاد عليهم المطالب، مع النقص في الغالب، فلا قوة إلا بالله.

पृष्ठ 438