وفي هذه الأيام كان مزينا حلاقا معه مرآة من بلور عوجا فيمري القبائل بها فيرون وجوههم عوجا فيقول لهم: ما رأيتم؟ فيقول: معه علاج لذلك، فيأخذ شيئا من الجلود يسوي بها وجهه على زعمه، ويخرج مرآة أخرى صحيحة فيقول: ما رأيتم؟ قالوا: زالت العوجة، فيعطونه شيئا من الأجرة، وكان هكذا يفعل، وإنما فطن به من يفطن، فكان آخر أمره أن أصيب بشيئ من الطرش وبقي في حالة ضعيفة. وأولاد جبل الهمداني الذين كانوا بصنعاء، لهم من البيع والشراء، والثروة والغنى، فلما كان منهم من الفساد، وظهر عليهم القبائح، وقبضوا غير مرة على ذلك عوجلوا بالعقوبة وتفرقوا وخسروا، فراح واحد منهم إلى مكة ظهرت عليه فيها سرقة، فقطعت يده.
والآخر كان في أعظم مما جرى له. وشيخ برط يقال له: الشيخ قاسم، كان شريرا قد قتل نفوسا، ونهب أموالا، فأصيب ببطلان نصفه، فبقي كذلك مدة، ثم صار أعرج يسير على العصا، وسلم الناس شره، وسار في أعظم حالة.
وفي هذه المدة ترجح للقاضي مهدي الحسوسة الثلائي بأن حبس فقيرا من فقراء الشيخ أحمد بن علوان -نفع الله به- في حصن ثلا، لأجل منعه من دق صدره بالدبوس حال جذبه، فترجح له بأن قفز من رأس الحصن من الحيد[83/ب] فوقع فوق غرارة قشر في سوق ثلا، وسار على قدميه لم يضره شيء مما جرى، وسلمه الله تعالى ببركة الشيخ أحمد بن علوان، نفع الله به، فلما رأى ذلك القاضي مهدي اعتقد بركة الشيخ أحمد وخلى سبيله، ولم يعترض له ولا لغيره من الفقراء، والله أعلم.
وإلى هنا انتهى الدور الثالث من أول الإسلام الذي يدور على ثلاثمائة وستين سنة، لكنها سنة شمسية، فيزيد على هذا بخمس سنين، فيكون انتهاؤه في سنة خمس وثمانين وألف، وعند أهل الفلك أنه يكون فيه انقلاب الدولة في بعض الجهات، واستيلاء بعض الملوك على بعض والقدرة لله تعالى.
पृष्ठ 402