وفي هذه المدة روي أن رجلا حمالا مشتاطا نزل إلى اليمن الأسفل، فلما بلغ إلى بلاد الجند اضطر إلى السؤال لطعام من بعض بيوت في تلك الجهة بعد أن أظلم عليه الليل ودق الباب، ففتحت له امرأة وقالت: ادخل، وهي خارجة، فدخل وإذا فيه جماعة من الشماة، وسلاحهم بين أيدهم ملقاة[81/أ] فقالوا له: اقعد، فقعد، ثم إنهم خرجوا وأمروه بحمل شيء معهم في غرارة، فحمل ذلك معهم إلى البرية وحفروا حفيرة ألقوه فيها، وإذا هو مقتول قتلوه بها، ثم حفروا حفيرة أخرى فقال: لمن هذه؟ فقالوا: لك نلقيك بها؛ لئلا تخبر بخبرنا وتشيع أمرنا يظفر بنا، فسقط في يده وأيقن بالهلاك، فألهمه الله إلى الدعاء والاستغاثة بالشيخ أحمد بن علوان نفع الله به، والتوسل إلى الله ببركته، ونذر له بما على جمله قال: فلم يشعر إلا بشيء أقبل عليهم بحربته دفعهم بها، فحمد الله تعالى على النجاة منهم وسلامته عنهم. هكذا روى بعض القبائل، وهذه الرواية لا تعرف إلا من مثلهم؛ لأنه رجل حمال من جنسهم؛ فإذا صحت فهي من كرامات الشيخ أحمد نفع الله به.
ووصل الخبر هذه الأيام برجوع أصحاب العماني، الذين كانوا قد بلغوا إلى حدود الشحر [81/ب].
وفي هذه المدة انكسرت جلبة كانت داخلة من اليمن فيها حجاج ومن البن، فهلكوا، لم يسلم منهم إلا اليسير ممن خرج مع صاحبها في سمبوك، ومن تعلق بشيء من صروفها على مشقة في ذلك، فإنه وصف الواصف: أنه تعلق بصرف، فلبث في البحر فوق ثلاثة أيام لا يذوق شيئا من الطعام ولا الماء، وهو في معاناة مع ذلك الصرف لأجل الموج، فتارة يكون على ظهره وتارة يغلبه فيقبض عليه ويتعلق به؛ لئلا يغرق، فما زال كذلك تسوقه الريح الغربي حتى قذفته في ساحل جازان بعد الإياس منه، وكان إنكسارها مقابل لبندر جازان وهم قدر سبعين نفرا لم ينج منهم[82/أ] إلا نحو خمسة عشر رجلا.
पृष्ठ 400