ولا يثبت احد على لأوائها وجدها الا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة وانه لا يريدها احد بسوء الا أذابه الله ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء (وما رويناه) خارج الصحيحين انه ﵌ قال المدينة مهاجري فيها مضجعى وفيها مبعثي حقيق على أمتى حفظ جيرانى ما اجتنبوا الكبائر من حفظهم كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة ومن لم يحفظهم سقي من طينة الخبال. وقال غبار المدينة شفاء من الجذام وقال كل البلاد افتتحت بالسيف والمدينة افتتحت بالقرآن وقال ما على الارض بقعة هي أحب إلي من أن بمدة حياته ﷺ (لاوائها) بسكون الهمزة وبالمد والتحتية هي الشدة وما يعظم مشقته ويحرج له الصدر من ضيق عيش أو قحط أو خوف ونحو ذلك (وجهدها) بفتح الجيم وهي لغة قليلة وبضمها هو المشقة واما بمعنى الطاقة فالمشهور بالضم وحكى بالفتح (الا كنت له شفيعا أو شهيدا) الاظهر ان أوهنا ليست للشك فلا يزيد القاريء بعدها قال بل اما للتقسيم فيكون شفيعا للعاصين وشهيدا للمطيعين أو شهيدا لمن مات في حياته وشفيعا لمن مات بعده وهذه خصيصة زائدة لاهل المدينة على شهادته لجميع الامة واما بمعنى الواو على حد قوله مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فيكون لاهل المدينة شفيعا وشهيدا هذا معنى ما قال عياض (وانه لا يريدها أحد بسوء) قاله مسلم في صحيحه قال ابن حاتم في حديث ٧ بن نحس بدل سوء شرا وفي رواية بدهم بكسر الموحدة وفتح المهملة وسكون الهاء وهي المقاتلة والامر العظيم (الا اذابه الله) أي أهلكه (ذوب) مصدر ذاب يذوب (الرصاص) مثلث الراء والفتح أشهر أي في النار كما في بعض روايات مسلم قال عياض وهو يرفع اشكال الاحاديث التي لم يذكر فيها وتبين ان هذا حكمه في الآخرة قال وقد يكون المراد به من أرادها في حياة النبى ﷺ كفى المسلمون شره واضمحل كيده كما يضمحل الرصاص في النار أو يكون ذلك لمن أرادها في الدنيا فلا يمهله الله ولا يمكن له سلطانا بل يذهبه عن قريب كما انقض بنيان من حاربها أيام بني أمية مثل عقبة بن مسلم فانه هلك في منصرفه عنها ثم هلك مرسله يزيد بن معاوية على أثر ذلك وغيرهما ممن صنع صنعهما قال وقيل وقد يكون المراد من كادها اغتيالا وطلبا لغرتها في غفلة فلا يتم له أمره (أو ذوب الملح في الماء) ليست أو للشك قيل الاول في رواية وهذا في أخرى (مهاجري) بضم الميم وفتح الجيم أى موضع هجرتي (فيها مضجعي) يعني قبره ﷺ وهذا من اعلام النبوة (حقيق) أي واجب (جيراني) يعني أهل المدينة ومن داناهم وأراد حفظهم من الاذى مطلقا ما لم يرتكبوا ما يوجب حدا فان ارتكبوه أقيم عليهم كغيرهم كما يرشد اليه قوله (ما اجتنبوا الكبائر) جمع كبيرة وهي كل ما جاء فيها وعيد شديد في الكتاب أو السنة وان لم يوجب حدا وعرفت بانها كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة (كنت له شفيعا الى آخره) يأتى فيه ما مر قريبا في أهل المدينة (سقى من طينة الخبال) بفتح المعجمة والموحدة وهي عرق أهل النار وما ينحل من أجسادهم بذوبانها (غبار المدينة شفاء من الجذام) أخرجه أبو نعيم في الطب من حديث ثابت بن قيس بن شماس ولابن السني يبرئ الجذام وللزبير بن بكار يطفيء الجذام (كل البلاد افتتحت بالسيف الى آخره) أخرجه البيهقي في الشعب من حديث عائشة وأراد ﷺ بذلك قدوم
1 / 26