बहजा
البهجة التوفيقية لمحمد فريد بك
अन्वेषक
د .أحمد زكريا الشلق
प्रकाशक
دارالكتب والوثائق القومية
संस्करण संख्या
الثانية
प्रकाशन वर्ष
1426هـ /2005 م
प्रकाशक स्थान
القاهرة / مصر
عادت بقايا الجيش والدونانمة المصرية إلى ثغر الإسكندرية متوجه بالنصر | المبين والفوز العظيم لا عار عليها إذ ألزم إبراهيم باشا بإخلاء بلاد اليونان بعد | أن فتحها ونشر لواء الأمن في جميع أنحائها والعودة إلى مصر بعد أن فني معظم | رجاله في هذه الحروب والمناوشات ، وكيف يتسنى لولاية هي بالنسبة إلى الدول | الأورباوية كل شيء أن تقاوم حكومتي فرنسا وانجلترا فضلا عن مساعدة | الحكومة الروسية لهما ؟ أيلحق مصر والدولة العلية عار إن هزمتا في واقعة | ( ناوارين ) البحرية التي سبق لنا شرحها والدونانمة التركية لم تكن لتقاوم دونانمتي | أعظم الدول الأورباوية بحرا وبرا ؟ وكيف يمكن الجيوش المصرية أن تقاوم قوة لم | تقو الدولة العلية مع مالها من القوة العالية والعظمة السامية على صد هجماتها ؟ | لعمري إن مجرد وقوف قوة مصرية محصنة أمام إحدى هاته الدول العظام | ليكسبها فخرا جليلا ونبلا جزيلا وشرفا أثيلا ، ولوخرجت من هذا الموقف | الحرج مكسورة ، لا سيما وأن المصريين لم يتعودوا منذ استيلاء العائلات الأجنبية | على بلادهم ، أعني منذ نحو أربعة آلاف سنة أن يبذلوا أرواحهم بل ولا أموالهم | للمدافعة عن استقلال وطنهم فما بالك لو دعوا لبذل الأرواح في نيل الشرف | والسمعة كما كان سبب الحرب في بلاد اليونان ، تالله أن تغلب المصريين على | اليونانيين المشهورين بالبسالة والشجاعة في مواقع شتى وفتحهم بلادهم لمن أكبر | البراهين على ما للمصريين من قوة البأس وثبات الجأش في الحروب ، سيما لو | علموا أن ذلك يعود على وطنهم بأقل فائدة وأيسر عائدة . وبالجملة فلا يمكننا | أن نقول أن حرب اليونان لم تفد مصر شيئا فإنها ولو لم تعد عليها بفائدة مادية | فقد أفادتها فائدة أدبية ألا وهي تدرب عسكرها وبحريتها على أبواب القتال | وفنون الحرب لأن اقتحام الأخطار وبذل الأرواح يغرسان في الجندي بريا كان | أو بحريا ، حب الشرف والمخاطرة بالروح في سبيل نيله لا سيما إذا رأى من | رؤسه وضباطه سيرة حسنة في الشجاعة والنظام العسكري فإنه وأن توفي أو | | استشهد كثير من العساكر المصرية واغتنم أو أحرق أكثر سفنها الحربية في | واقعة ( ناوارين ) فإن من بقي فيه كفاية لتدريب من يضم إليه من الشبان لما | اكتسبه في مواقع القتال من التجربة واتقان هذا الفن الذي عليه المعول ومدار | حماية الوطن وحفظ أهله ، فلذلك لم تفتر همة محمد علي باشا بل ازدادت عزيمته | بعد حرب اليونان فأخذ في تتميم نظام جيشه واستعداد دونانمته ليعيد ما فقد في | هذه الحروب الهائلة .
ولما انشرح صدره مما سمعه من نجله إبراهيم باشا من حسن نظام الجيش | الفرنساوي والدونمات الأورباوية أمر بإنشاء ألايات من السواري الذين | يحملون المزاريق ويلبسون الزرد والدروع على هيئة جيش فرنسا ، واستدعى من | يسمى المسيو ( دي سريزى ) لتنظيم الدونانمة والموسيو ( بوسون ) لتعليم العساكر | البحرية وأعطى كلا منهما رتبة بيك وكان الطبيب ( كلوت بيك ) في ذاك | الوقت باذلا جهده في إيجاد الإسبتالايات وتحسينها للزومها عند الضرورة .
وأما سليمان بيك فكان في هذه الأثناء بينه وبين إبراهيم باشا بعض حزازة | ربما كان سببها حسد الحاسدين ووشى الواشين ، لأنه كيف يظن أن إبراهيم باشا | ينكر ما لسليمان بيك من الأعمال المشكورة فضلا عن أياديه في تنظيم الجيوش | المصرية على نظام حسن لأنها لم تكن مؤلفة قبل إلا من أوباش الأرنؤد وأخلاط | الترك الذين كانوا لا بغية لهم إلا السلب والنهب ونشر الفساد بين العباد بما | كانوا يقترفونه من المحرمات على رؤس الأشهاد كنهب الأموال وسبي الفتيات | والنساء زيادة عن خطف الولدان لإرضاء شهواتهم البهيجة بدون رادع يردعهم | أو قامع بقمعهم عن ارتكاب الآثام إلى غير ذلك مما يأبى القلم تسطيره .
पृष्ठ 136