ودلالة ذلك أن هذا الحرف يستعمل في مواضع مختلفة الصور اتفقت في إفادة هذا المعنى- فإنه يستعمل في:
- جزاء الشرط كقولك: "إن دخلتِ الدار فأنت طالق".
- وفي موجب العلة، كقولك: "كسرته فانكسر".
- وفي حكم السبب، كقولك: "اشتراه فملكه".
- وفي موضع لا تتحقق هذه الوجوه، كقوله: "جاءني زيد فعمرو".
واتفقت هذه الصور، مع اختلافها، في إفادة التعقيب مع الوصل: علم أنه حقيقة له.
ومنها- حرف "الباء":
- وهو للإلصاق، كقولك: "مسحت يدي بالمنديل": أفاد إلصاقها به.
- ويستعمل في الآلة، والسبب، والعوض: لإفادة الإلصاق صورة أو معنى. واختلفوا في قوله تعالى: ﴿وامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾:
قال بعضهم: إنه، على موجب اللغة، يفيد إلصاق المسح بجميع الرأي، لأنه علق المسح بالرأس، والذي يسمى رأسًا هو الكل. إلا أنه في العرف يفيد إلصاق المسح إما بكله أو ببعضه، فإنا نقول: "مسحت يدي بالمنديل" إذا مسحت بعضه، كما نقول ذلك أيضًا إذا مسحت كله.
وقال بعضهم: إن الآية مجملة، لأن هذا الحرف قد يراد به الكل، وقد يراد به البعض، فكان مجملًا، فلا يصح التعلق إلا ببيان.