وعظتني نفسي فعلمتني وأثبتت لي أنني لست بأرفع من الصعاليك، ولا أدنى من الجبابرة، وقبل أن تعظني نفسي كنت أحسب الناس رجلين: رجلا ضعيفا أرق له أو أزدري به، ورجلا قويا أتبعه أو أتمرد عليه. أما الآن فقد علمت أنني كونت فردا مما كون البشر منه جماعة. فعناصري عناصرهم، وطويتي طويتهم، ومنازعي منازعهم، ومحجتي محجتهم، فإن أذنبوا فأنا المذنب، وإن أحسنوا عملا فاخرت بعملهم، وإن نهضوا نهضت وإياهم. وإن تقاعدوا تقاعدت معهم.
وعظتني نفسي فعلمتني أن السراج الذي أحمله ليس لي، والأغنية التي أنشدها لم تتكون في أحشائي فأنا وإن سرت بالنور لست بالنور، وأنا وإن كنت عودا مشدود الأوتار فلست بالعواد.
وعظتني نفسي يا أخي وعلمتني، ولقد وعظتك نفسك وعلمتك، فأنت وأنا متشابهان متضارعان، وما الفرق بيننا سوى أنني أتكلم عما بي وفي كلامي شيء من اللجاجة، وأنت تكتم ما بك وفي تكتمك شكل من الفضيلة.
لكم لبنانكم ولي لبناني
لكم لبنانكم ولي لبناني.
لكم لبنانكم ومعضلاته، ولي لبناني وجماله .
لكم لبنانكم بكل ما فيه من الأغراض والمنازع، ولي لبناني بما فيه من الأحلام والأماني.
لكم لبنانكم فاقنعوا به، ولي لبناني وأنا لا أقنع بغير المجرد المطلق.
لبنانكم عقدة سياسية تحاول حلها الأيام؛ أما لبناني فتلول تتعالى بهيبة وجلال نحو ازرقاق السماء.
لبنانكم مشكلة دولية تتقاذفها الليالي؛ أما لبناني فأودية هادئة سحرية تتموج في جنباتها رنات الأجراس وأغاني السواقي.
अज्ञात पृष्ठ