220
أقر بمضمونه طائعًا ... أبو الأكل ملتقم ابن القرى وحليته صاحب الطيلسان ... مديد الحوايا قصير القرا وأخبرني الفقيه الحافظ بن دحية قال: دخلت على الوزير الفقيه الأجل أبي بكر عبد الرحمن بن محمد مغاور السلمي، فوقع الكلام في علوم لم تكن من جنس فنونه، فقال بديهًا: أيها العالم أدركني سماحًا ... فلمثلي منك السماح أن تراني إذا نطقت عييًا ... فبناني إذا كتبت وقاح أحرز الشأو في نظام ونثرٍ ... ثم أثني وفي العنان جماح فبهزلٍ كما تأود غصن ... وبجدٍ كما تسل الصفاح وأخبرني أيضًا قال: دخلت عليه منزله بمدينة شاطبة في اليوم الذي توفي فيه وهو يجود بنفسه، فأنشد بديهًا: أيها الواقف اعتبارًا بقبري ... استمع فيه قول عظمي الرميم أودعوني بطن الضريح وخافوا ... من ذنوبٍ كلومها بأديمي تركوني بما اكتسبت رهينًا ... غلق الرهن عند مولى كريم وأخبرني القاضي الأعز بن المؤيد المقدم ذكره عن أبيه بما معناه قال: كنت بمجلس الصالح في يوم أسدل الجو به ستور الغمام، واختفت الشمس فيه اختفاء النور في الكمام، ونثرت السماء درر البرد نثرًا عم الربا والآكام، حتى وصل إلى أطراف بسط المجلس، فصنع القاضي الموقف بن قادوس قطعة شذت عني لبعدي عنها؛ إلا قوله منها: ولكن أتتك ثغور السحاب ... تقبل بين يديك البساطا وأخبرني أيضًا ﵀ قال: أخبرني أبي بما معناه، قال: كنت في مجلس فارس المسلمين أخي الصالح، وقد نصب سماطًا بمجلسه لخواصه، ونصب سماطًا آخر في بعض المجالس لجماعة من أمراء العرب، وفي جملتهم الأمير إبراهيم بن شادي بن مرجان؛ وهو يومئذٍ يهتز كالغصن الممطور، ويأبز كالظبي المذعور، قبل أن يصير أحد الأمراء الأمجاد، والكرماء الأنجاد. قال: فبصرت أنا والأمير علو الدولة حاتم بن العسقلاني به، وقد كشف عن معصمه، وهو يشف عن مخه ودمه؛ فكأنه عمود بلور تبدى، وقد حشى وردًا، ووجهه تحت لثامه،

1 / 225