[أوَّل مَن جَمَع صِحاحَ الحَديثِ]
فائدةٌ: أوَّلُ مَن اعْتَنى بِجَمْع الصحيح: "أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البُخارِي"، وتلاه صاحبُه وتِلْميذُه: "أبو الحُسين مسلم بن الحَجَّاج النَّيْسابوري" (١)، فهما أصَحُّ كُتُب الحديث.
و"البُخاريُّ" أرْجَحُ؛ لأنَّهُ اشْتَرَط في إخراجه الحديثَ - في كتابِه هذا - أن يكونَ الرَّاوي قد عاصَرَ شيخَهُ، وثَبَتَ عنده سَماعُه منه (٢).
ولم يشترطْ "مُسلمٌ" الثاني، بل اكْتَفَى بمُجَرَّد المُعاصَرة (٣).
_________
(١) ألَّفَ مسلمٌ كتابَه الصحيح بِناءً على طلب تلميذِه ورفيقه أحمد بن سلمة؛ انظر: "سير أعلام النبلاء" (١٢/ ٥٦٦).
(٢) انظر: "النكت" ١/ ٢٨٢، و"نزهة النظر" ص ٨٦ - ٨٩.
وقد لَخَّصَ السخاويُّ في شَرْحه على "تقريب النواوي" ما قالَهُ ابنُ حَجَر في عبارة جزلة فقال: "والبخاري - أي: "صحيح البخاري" - مما اتَّصل به دون التعليق والتراجم ونحوهما أصحهما مِن جِهَة الصِّحة؛ لِتَمْييزه بما يقْتَضِي التمَكُّن في الاتصال، ويُشْعِر بمزيد الإتقان في الرِّجال؛ حيثُ اشْتَرَطَ ثبوت اللقاء في السنَد المُعَنْعَنِ ولو مرة، ولم يكتفِ كـ"مُسلمٍ" بإمكانه، وكان المُتكَلَّم فيه مِن رُواته، دون المتكلَّم فيه مِن رواة الآخر، مع كَوْن أكثرهم مِن شُيُوخه، وإن وَجَد لهما في التخريج لهم مخلص، هذا مع اتِّفاق العُلماء كما قال شيخُنا، على أنَّ البخاري أَجَلُّ منه في العلوم، وأَعْرَفُ بصناعة الحديث، وأنَّ مسلمًا تلميذُه وخرِّيجُه، ولم يزلْ يستفيدُ منه، ويتَّبع آثارَه؛ حتى قال الدارقُطني: لولا البخاريُّ ما راح مُسلمٌ ولا جاء "؛ "شرح التقريب والتيسير" ص ٤٤.
(٣) انظر: "مقدمة مسلم" ١/ ٨٨، و"التمهيد" ١/ ١٢، و"صيانة صحيح مسلم" ص ١٣٠، ١٣١، و"السَّنَن الأَبْيَن"؛ لابن رشيد، و"حسم النزاع"؛ للشيخ =
_________
= بصيغة التمريض بعدم السماع منه. والأمر يحتاج لتحرير والله أعلم
1 / 82