حرف رواه الرواة، ونقدوا أحوالهم ورواياتهم، واحتاطوا أشد الحيطة في النقل، فكانوا يحكمون بضعف الحديث بأقل شبهة في سيرة الناقل الشخصية مما يؤثر في العدالة عند أهل العلم.
أما إذا اشتبهوا في صدقه وعلموا أنه كذب في شيء من كلامه فقد رفضوا روايته وسموا حديثه "موضوعا"، أو "مكذوبا" وإن لم يعرف عنه الكذب في رواية الحديث مع علمهم بأنه قد يصدق الكذوب.
وكذلك توثقوا من حفظ كل راوي وقارنوا رواياته بعضها ببعض، وبروايات غيره فإن وجدوا منه خطأ كثيرا وحفظا غير جيدا ضعفوا روايته وإن كان لا مطعن عليه في شخصه، ولا في صدقة خشية أن تكون روايته ممن خانه في الحفظ.
وقد حرروا القواعد التي وضعوها لقبول الحديث وهي قواعد هذا الفن وحققوها بأقصى ما في الوسع الإنساني احتياطا لدينهم فكانت قواعدهم التي ساروا عليها أصح القواعد للإثبات التاريخي وأعلاها وأدقها وإن أعرض عنها في هذه العصور المتأخرة كثير من الناس وتحاموها بغير علم منهم ولا بينة.
وقلدهم فيها العلماء في أكثر الفنون النقلية، فقلدهم علماء اللغة، وعلماء الأدب، وعلماء التاريخ وغيرهم، فاجتهدوا في رواية كل نقل في علومهم بإسناده كما تراه في كتب المتقدمين السابقين وطبقوا قواعد هذا العلم عند إرادة التوثق من صحة النقد في أي شيء يرجع فيه إلى النقل.
فهذا العلم في الحقيقة أساس لكل العلوم النقلية وهو جدير بما وصفه به صديقي وأخي العلامة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة: "من أنه
1 / 49