أعادت قولها، متجاهلة ما قاله: «كيف يمكنني العودة؟» ارتفع صوتها ارتفاعا شديدا فجأة حتى إنه استدار. كانت واقفة بقامة شديدة الانتصاب، متجهمة، وقد ضمت حاجبيها الأسودين وزمت شفتيها. «لماذا لا تستطيعين العودة ؟» «بعد ذلك! بعد ما فعلته بي!»
انفجرت فجأة في ملامة مطولة مهتاجة، وقد علا صوتها بالصراخ الهستيري الوقح الذي يصدر عن نساء البازار حين يتعاركن. «كيف يمكنني العودة، ليسخر مني أولئك الفلاحون الوضعاء الأغبياء الذين أحتقرهم ويشيرون إلي؟ أنا التي كنت «بوكاداو»، زوجة رجل أبيض، أعود إلى بيت أبي، وأهز سلال الأرز مع الشمطاوات والنساء البالغات القبح اللواتي لم يجدن أزواجا! آه، يا للعار، يا للعار! طيلة سنتين كنت زوجتك، أحببتني واعتنيت بي، وفجأة من دون إنذار، من دون سبب طردتني من منزلك مثل كلب. والآن علي أن أعود إلى قريتي، بلا مال، وقد ذهب كل مصاغي وأزري الحرير، حتى يشير إلي الناس ويقولون: «ها هي ما هلا ماي التي ظنت أنها أذكى منا. انظروا! لقد فعل بها رجلها الأبيض كما يفعلون دائما.» لقد قضي علي، قضي علي! أي رجل سوف يتزوجني بعد أن عشت في منزلك عامين؟ لقد سلبتني شبابي. آه، يا للعار، يا للعار!»
لم يستطع النظر إليها؛ وقف عاجزا، شاحبا، خجلان. كانت كل كلمة نطقت بها لها تبرير، فكيف يخبرها أنه لم يستطع أن يفعل غير ما فعله؟ كيف يخبرها أن الاستمرار عشيقا لها كان سيصير فضيحة وخطيئة؟ كاد ينكمش منها، وبرزت الوحمة في وجهه الأصفر كأنها بقعة حبر. قال بفتور، لاجئا تلقائيا إلى المال؛ فالمال لم يخفق قط مع ما هلا ماي: «سوف أعطيك مالا. ستحصلين على الخمسين روبية التي طلبتها مني، والمزيد فيما بعد. فلن يكون لدي نقود أخرى حتى الشهر القادم.»
كان هذا حقيقيا. فقد أتت المائة روبية التي كان قد أعطاها لها، وما أنفقه على الملابس على أغلب ما لديه من نقد سائل. هنا انفجرت في عويل مدو أربكه. تقلص قناعها الأبيض وانهمرت الدموع سريعا وتدفقت على وجنتيها. وقبل أن يتسنى له أن يوقفها كانت قد خرت على ركبتيها أمامه وسجدت لامسة الأرض بجبهتها في وضع الانبطاح بالكامل أمام السادة بمذلته المطلقة.
هتف فلوري: «انهضي، انهضي!» فطالما روعه وضع الانبطاح المخزي المذل، من رأس مطأطئ وجسد منحن كأنه يدعو للضرب. «لا قبل لي بهذا. انهضي في الحال.» نوحت مرة أخرى، وحاولت التشبث بكاحليه، لكنه تراجع سريعا. «انهضي في الحال وكفي عن ذلك الصخب الفظيع. إنني لا أعلم علام تبكين.»
لم تنهض، وإنما قامت على ركبتيها وأخذت تنوح له. «لماذا تقدم لي مالا؟ هل تعتقد أنني عدت من أجل المال فقط؟ هل كنت تظن أنني لا أكترث إلا للنقود حين طردتني من منزلك مثل الكلب؟»
قال مجددا: «انهضي.» كان قد ابتعد بضع خطوات، خشية أن تمسك به. ثم قال: «ماذا تريدين إذا لم يكن مالا؟»
نوحت قائلة: «لماذا تكرهني؟ ما الأذى الذي ارتكبته؟ لقد سرقت علبة سجائرك، لكنك لم تكن غاضبا من ذلك. لكنك سوف تتزوج تلك المرأة البيضاء، أعلم ذلك، والجميع يعلمون. لكن ماذا في ذلك، لماذا تصر على طردي؟ لماذا تكرهني؟» «إنني لا أكرهك. لا أستطيع شرح الأمر. فلتنهضي، انهضي أرجوك.»
كانت آنذاك تبكي بلا أدنى خجل. فلم تكن سوى طفلة على أي حال. نظرت إليه من خلال دموعها، تتفرسه بلهفة بحثا عن أثر لشفقة. ثم أتت حركة مروعة؛ إذ تمددت بالكامل على وجهها.
صاح فلوري بالإنجليزية: «انهضي، انهضي! إنني لا أطيق هذا، هذا شنيع للغاية!»
अज्ञात पृष्ठ