هتف إليس: «أيها الساقي!» وحين ظهر الساقي قال له: «اذهب لتوقظ ذلك الغلام اللعين!» «حسنا يا سيدي.» «وأيها الساقي !» «نعم يا سيدي؟» «كم تبقى من الثلج؟» «نحو عشرين رطلا يا سيدي. وأعتقد أنه لن يمكث بعد اليوم. فإنني أجد صعوبة بالغة في الحفاظ على الثلج باردا الآن.» «لا تتحدث هكذا، عليك اللعنة: «أجد صعوبة بالغة!» هل ابتلعت قاموسا؟ قل: «معذرة يا سيدي، لا أستطيع حفظ ثلج بارد.» هكذا يجدر بك أن تتحدث. لا بد أن نطرد هذا الشخص إذا تمكن من تحدث الإنجليزية بإتقان. لا أستطيع احتمال الخدم الذين يتحدثون الإنجليزية. سمعت أيها الساقي؟»
قال الساقي: «أجل يا سيدي.» وانصرف.
قال ويستفيلد: «يا إلهي! لا ثلج حتى يوم الإثنين. هل ستعود إلى الغابة يا فلوري؟» «نعم، لا بد أن أكون هناك الآن. لم آت إلا لأجل البريد الإنجليزي.» «أعتقد أنني نفسي سأذهب في جولة، وأدبر القليل من بدل السفر. فلا أطيق المكتب اللعين في هذا الوقت من العام؛ حيث الجلوس أسفل المروحة اللعينة، وتوقيع فاتورة تلو الأخرى. العمل الورقي الممل. رباه، كم أتمنى لو اندلعت الحرب مرة أخرى!»
قال إليس: «سوف أذهب بعد غد. ألن يأتي ذلك القس اللعين لإقامة القداس يوم الأحد؟ سأحرص على ألا أكون موجودا من أجل ذلك، على أي حال. أكره ذلك الركوع اللعين.»
قال ويستفيلد: «الأحد القادم. لقد وعدت بأن أكون موجودا، وكذلك ماكجريجور. لا بد من القول بأن الأمر سيكون صعبا بعض الشيء على ذلك القس المسكين. فهو لا يأتي سوى مرة كل ستة أسابيع. من المستحسن أن نجمع له حشدا حين يأتي.» «سحقا! إنني لأتلو المزامير باكيا إرضاء للقس، لكنني لا أطيق الطريقة التي يأتي بها أولئك المسيحيون من أهل البلد متدافعين إلى كنيستنا. قطيع من الخدم الهنود والمعلمين الكارين. وهذان الأصفران، فرانسيس وصامويل؛ اللذان يدعيان نفسيهما مسيحيين هما الآخران. في آخر مرة حين كان القس هنا تجاسرا على التقدم والجلوس في المقاعد الأمامية مع الرجال البيض. لا بد أن يخاطب أحد القس في ذلك الشأن. يا لنا من حمقى ملاعين لما جنيناه حين أطلقنا العنان للمبشرين في هذا البلد! يعلمون كناسي السوق أنهم أكفاء لنا. «معذرة سيدي، أنا مسيحي مثل السادة.» منتهى الصفاقة.»
قال السيد لاكرستين وهو يمرر «لا في باريزيان» بينهم: «ما رأيكم في هاتين الساقين؟ أنت تعرف الفرنسية يا فلوري؛ ما المقصود بما كتب تحت؟ يا إلهي، هذا يذكرني بحين كنت في باريس، في أول إجازاتي، قبل أن أتزوج. رباه، أتمنى أن أذهب إلى هناك مرة أخرى!»
قال ماكسويل: «هل سمعتم السجع الذي يقول: «كانت هناك سيدة شابة من وكينج»؟» كان ماكسويل بالأحرى شابا هادئا، لكنه كغيره من الشباب، كان مولعا بالأسجاع البذيئة الرنانة. وحين أتم سيرة سيدة وكينج الشابة تصاعد الضحك. وأجاب ويستفيلد بسجع: كان في إيلينج سيدة تنتابها مشاعر غامضة، وشارك فلوري بسجع: في هورشام قس لا يفتأ أن يحترس، وازداد الضحك. حتى إليس أدلى بعدة أسجاع؛ وكانت نكات إليس دوما فكهة بحق، لكنها بذيئة بلا حدود. ابتهج الجميع وزاد شعورهم بالألفة رغم الحرارة. وكانوا قد فرغوا من الجعة وعلى وشك طلب شراب آخر، حين سمع وقع أحذية على السلم الخارجي. كان ثمة صوت جهوري جعل الأرضية ترتج، يقول هازلا: «نعم، في غاية الفكاهة. لقد وضعتها في أحد مقالاتي الصغيرة في مجلة «بلاكوودز». أتذكر أيضا موقفا آخر في غاية ... آه ... الطرافة، حين كنت مرابطا في بروم، حيث ...»
كان جليا أن السيد ماكجريجور قد وصل إلى النادي. صاح السيد لاكرستين: «تبا! جاءت زوجتي.» ونحى كأسه الفارغ بعيدا بقدر المستطاع. دخل السيد ماكجريجور والسيدة لاكرستين قاعة الجلوس معا.
كان السيد ماكجريجور رجلا ضخما، عظيم البنية، تعدى الأربعين بقليل، ذا وجه محبب شبيه لكلب البج، يرتدي نظارة بإطارين ذهبيين. وكان بمنكبيه العريضين، وعادة دفع رأسه للأمام يذكرك بالسلحفاة - حتى إن البورميين كانوا يدعونه «السلحفاة». وكان متسربلا في حلة نظيفة من الحرير، بانت عليها بقع العرق أسفل الإبطين. وقد حيا الآخرين باصطناع التحية العسكرية ممازحا، ثم وقف أمام لوحة الإعلانات، مبتسما وهو يدير خيزرانة خلف ظهره على غرار المعلمين. كانت السماحة البادية على وجهه صادقة تماما، بيد أنه كان ثمة تكلف في لطفه، ومشقة في التظاهر بأنه ينسى رتبته الرسمية في غير ساعات العمل، حتى إن أحدا لم يكن يشعر براحة تامة في وجوده. وبدا واضحا أنه في أسلوبه في الحديث يحذو حذو أحد مديري المدارس أو رجال الدين الطرفاء الذين تعرف عليهم في أول حياته. كانت أي كلمة طويلة، أو اقتباس، أو تعبير شائع تتمثل في ذهنه كمزحة، فيمهد لها بالتلعثم مثل أن يقول: «أمم» أو «آه» ليبدو واضحا أن ثمة مزحة في الطريق. أما السيدة لاكرستين فكانت في الخامسة والثلاثين تقريبا، مليحة ملاحة صورة في مجلة أزياء، بلا تضاريس مع استطالة. وكان صوتها متنهدا، ممتعضا. هب الآخرون واقفين حين دخلت السيدة لاكرستين، فيما جلست هي منهكة على أفضل مقعد أسفل المروحة، وهي تهوي لنفسها بيدها الرفيعة الشبيهة بيد سمندل الماء. «ويحي، يا له من حر، يا له من حر! جاء السيد ماكجريجور وأقلني في سيارته. إنه لكرم شديد منه. إن توم، سائق العربة الوضيع، يدعي المرض ثانية. أعتقد حقا أنك يجب أن تضربه ضربا مبرحا وتعيده إلى صوابه. فإنه لفظيع جدا أن تضطر للسير في هذه الشمس كل يوم.»
كانت السيدة لاكرستين غير قادرة على مسيرة ربع ميل بين منزلها والنادي فاستوردت عربة ذات عجلتين من رانجون، كانت هي المركبة الوحيدة المزودة بعجلات في كياوكتادا، بجانب العربات التي تجرها الثيران وسيارة السيد ماكجريجور؛ إذ كانت الطرق في المقاطعة بأسرها لا تزيد عن عشرة أميال. وكانت السيدة لاكرستين تتحمل في الغابة كل الفظائع من خيام تسرب الأمطار وناموس وطعام معلب، لكيلا تترك زوجها وحده؛ إلا أنها كانت تستعيض عن ذلك بالشكوى من أمور تافهة حين تكون في العاصمة.
अज्ञात पृष्ठ