मेरे कागज़... मेरा जीवन (भाग एक)

नवाल सआदावी d. 1442 AH
97

मेरे कागज़... मेरा जीवन (भाग एक)

أوراقي … حياتي (الجزء الأول)

शैलियों

بعد انتهاء الحصص كنت أقضي اليوم في المكتبة، كانت غرفة مهملة في الفناء بجوار دورات المياه، رفوفها يعلوها التراب وخيوط العنكبوت، أغلفة الكتب سوداء كالحة، تفوح منها رائحة الموميات مع براز الفئران.

كنت أبحث بين الكتب عن الروايات والقصص ... سامية كانت تبحث عن كتب التاريخ والسياسة، فكرية لم تكن تحب القراءة، تمط شفتها السفلية بازدراء لكل الكتب، سامية ترمق الرواية في يدي ثم تلوي في امتعاض: روايات إيه وكلام فارغ إيه، ده كلام رومانتيكي!

كانت المرأة الأولى التي أسمع فيها كلمة «رومانتيكي»، نطقتها سامية وهي تزم شفتيها كأنها هي سبة، في يدها كتاب عن الحروب الصليبية، لم أكن أحب هذه الكتب عن الحروب وفتوحات صلاح الدين الأيوبي وعمرو بن العاص.

حصة التاريخ تبعث في نفسي الملل، لم يكن التاريخ إلا مجموعة من الغزوات القديمة نحفظها عن ظهر قلب، من غزوة أحد وبدر في عهد الرسول إلى غزوة نابليون على مصر.

مقررات التاريخ لا تشمل تاريخ مصر المعاصر، لم ندرس شيئا عن الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882م؛ لأنه كان مستمرا حتى ذلك الوقت، ولم نقرأ شيئا عن فساد الحكم الملكي أو الأحزاب السياسية.

كانت حصة التاريخ تطمس التاريخ، تصنع من أفسد الحكام أبطالا، تفصل بين العصر والعصر فلا ندرك الترابط بين العصور، نردد كالببغاء ما نحفظه في الكتب .

لم تكن فكرية تطيق الحديث عن التاريخ القديم أو المعاصر، تحكم على الحكومات كلها بالفساد، والمحكومين كلهم بالخنوع والجبن، ترسم صورة الملك فاروق على شكل خروف العيد المعد للذبح، والنحاس باشا على شكل الأراجوز الأعور في السيرك، أحمد ماهر باشا مثل زكيبة القطن المثقوبة بالرصاص.

سامية كانت غاضبة على الجميع مثل فكرية، إلا أنها تستخدم لسانها بدل فرشاة الرسم؛ أحمد ماهر يستحق ما أصابه من الرصاص، أصدر القرار بدخول مصر الحرب، النحاس باشا في رأيها مهرج يتأرجح بين الملك والإنجليز، حزب الوفد لا علاقة له بالشعب، سعد زغلول لم يكن بطل ثورة 19، إنه الشعب المصري الذي قام بالثورة، الفقراء من الشعب، العمال والفلاحون، بعد الثورة تفاوض سعد زغلول مع الإنجليز، لم يحصل العمال والفلاحون على شيء، دماء شهدائهم راحت هباء. - أبوكي من العمال يا سامية ولا من الفلاحين؟ - أبويا أستاذ محترم!

قالتها بغضب وهي تضغط بأسنانها على كلمة «محترم»، أدركت أنها لا تحترم العمال ولا الفلاحين، رغم أنها لا تكف عن الحديث عنهم. «وانتي أبوكي بيشتغل إيه يا نوال؟»

قلت لها بزهو الطاووس: إن أبي مثل أبيها أستاذ محترم، ثم حكيت لها قصة أبي في ثورة 19، كيف كان أحد أبطالها، تلقى الشظية في قدمه، نزف الدم فوق أسفلت الشارع، زمت سامية شفتيها المطبقتين، وسألتني: أبوكي اسمه إيه؟ سؤالها كان غريبا، أدركت أن اسم أبي مجهول في التاريخ، أبوكي في حزب الوفد يا نوال؟ مش عارفة! يا خبر! مش عارفة أبوكي في حزب إيه؟! «وانتي أبوكي في حزب إيه؟»

अज्ञात पृष्ठ