وإذا لم تجد الجمال في فتنته ونضجه وقوته كأنه انتباه نفسي محتفل مستوفز على ما وصفنا لك، فلن تجد معه العشق الذي يسمى عشقا، ومنذا ويحك يستهام بامرأة مدبرة قد خلا من سنها، واقتحمت العقبة الأخيرة،
7
أو امرأة مريضة نهكتها العلة، أو التي بقيت روحها في جسمها، ولكن مات وجهها
8 ...؟ •••
وعندي أنه لو شبه العاشق وجه حبيبه بالصحراء المجدبة المقفرة قد ضل فيها رشده وضربته بكل جهاتها وضاع في معناها الأبدي معنى عمره الوقتي؛ لما رضيت له الحقيقة غير هذا التشبيه المنطبق المحكم، ولا رأت أقرب ولا أدق ولا أبدع منه، ولكن الوجه الجميل كذب ظاهر ولا يلائمه إلا كذب مثله، ومن هنا فاض الشعر وأصبحت أوصاف الجمال كلها تمويها على الغرير، وتزويرا للبشريه في غير حقيقتها وتلبيسا على روحانية الإنسان، وعاد الوجه الجميل كالصالح المنافق: صالح ومنافق معا، أي منافقان في شخص واحد ...! •••
والطفل يرى في أمه البداية والنهاية جميعا؛ لأن طفولته ستار بينه وبين ما وراءها، وكذلك العاشق: يرى في حبيبته بداية ونهاية معا؛ لأن حبه ستار بينه وبين ما عداه، يحصره بين أول وآخر في امرأة واحدة، أفلا يكفي هذا دليلا على بلاهة العاشق وغرارته، وأن الحب كالانتكاس إلى الطفولة في جهة واحدة من جهات النفس؟
وترى الصغير إذا فارقته أمه نظر حوله؛ ليستشف ما انفصل من آثارها المحبوبة على كل الأشياء التي فيها حنين نفسه، وكذلك يفعل المحب في كل ما مسته حبيبته، حتى كل شيء عليه لمحة منها، حتى ليرى بعض الأشياء يكاد يبتسم له، وبعضها يرنو إليه، وبعضها يكاد يتيه ويتدلل ويصد ...
وحول الحبيبة، تتفق لعاشقها كل عناصر الحياة المتناقضة إذا شاءت هي، ومنها هي أيضا تختلف هذه العناصر إذا شاءت، كأنها - أي الحبيبة - حياة لحياته لا مقصر له عنها، وكذلك أمر الطفل من أمه ووهمه فيها. •••
خلقت المرأة لتلد الإنسان، وهي تلد هذه الحقيقة في الإنسانية، ولكن وجهها يلد في الإنسانية الضلالة ...
ولا أدل على وهم جمالها وأنه في نفسه وفي نفسها لا أثر له - لا أدل على ذلك من أن تتراءى الجميلة في مرآتها؛ ثم تنظر نظرتها الساحرة ترف بالقبلة من شفتيها على شفتيها في المرآة ...
अज्ञात पृष्ठ