وارتفعت موجة الغضب في صدر جبل حتى قلقلت جذور إرادته فقال بصوت شديد: ليسوا مجرمين وإن غصت حارتنا بالمجرمين!
قبضت يد هدى بشدة على طرف شالها الأزرق، وتحركت فتحتا أنف الأفندي وقد عبرت وجهه صفرة، فتشجع زقلط بهذه المظاهر وقال بحقد ساخر: لك عذر في دفاعك عن المجرمين ما دمت منهم! - تهجمك على المجرمين شيء لا يصدق وأنت شيخ الإجرام في حارتنا.
قام زقلط قومة عنيفة وقد اربد وجهه، وقال: لولا مكانتك عند آل هذا البيت لأخرجتك من مجلسك على أجزاء!
فقال جبل بهدوء مخيف يشف عما تحته: أنت واهم يا زقلط!
وصاح الأفندي: أتجرآن على هذا أمامي؟
فقال زقلط بخبث: إني أناطحه دفاعا عن هيبتك!
فأوشكت أصابع الأفندي أن تفتك بالمسبحة، وخاطب جبل بشدة قائلا: لا أسمح لك بالدفاع عن آل حمدان. - هذا الرجل يفتري الكذب عليهم لغاية سوء في نفسه. - دع هذا لتقديري أنا!
وساد الصمت هنيهة. ترامت من الحديقة زقزقة لاهية، وتعالت في الحارة موجة تهليل صاخبة يتخللها سباب فاحش. وابتسم زقلط قائلا: أيأذن لي حضرة الناظر في تأديب الجناة؟
أيقن جبل أن ساعة المنايا قد دنت فالتفت نحو الهانم وقال يائسا: سيدتي، سأجد نفسي مضطرا إلى الانضمام إلى أهلي في سجنهم؛ لألقى معهم مصيرهم.
فهتفت هدى في عصبية ظاهرة: يا لخيبة رجائي!
अज्ञात पृष्ठ