فقال حمودة: يعتقد حينا بأن لآل حمدان يدا في اختفاء قدرة. - افهموا يا مساطيل! ما دام الناس يعتقدون أن قاتل قدرة في آل حمدان فالواجب علينا أن نعتبره كذلك! - ولو كان القاتل من العطوف؟ - ولو كان من كفر الزغاري، نحن لا يهمنا عقاب القاتل بقدر ما يهمنا إرهاب الآخرين.
فهتف أبو سريع بإعجاب: الله أكبر!
فقال الليثي وهو ينفض الحجر في الكوز ويعيد الجوزة إلى بركات: الله يرحمكم يا آل حمدان.
فندت عن أفواههم ضحكات جافة اختلطت بنقيق الضفادع وتحركت منهم الرءوس حركات الوعيد، على حين هبت نسمة بقوة طارئة أعقبتها خشخشة في الأوراق الجافة. وصفق حمودة بيديه وهو يقول: لم تعد المسألة صراعا بين آل حمدان والناظر، ولكنها كرامة الفتوات.
فعاد زقلط يضرب طرف الشلتة بقبضته ويقول: لم يقتل فتوة بيد حارته من قبل.
وتصلبت ملامحه من الغضب حتى خاف شره ندماؤه فحذروا أن تند عنهم كلمة أو حركة تحول غضبه إليهم. وساد الصمت فلم يعد يسمع إلا قرقرة الجوزة وسعلة أو نحنحة. وإذا ببركات يسأل: وإذا عاد قدرة على غير ما نظن؟
فقال زقلط بحنق: أحلق شاربي يا ابن المسطولة.
كان بركات أول من ضحك ثم عادوا إلى الصمت. تخايلت للأعين المذبحة، والعصي تحطم الرءوس، والدماء تسيل حتى تصبغ الأرض، والصوات يعلو من النوافذ والأسطح، وعشرات الرجال يصعدون حشرجة الموت. اضطربت في النفوس رغبة نمرية في الافتراس وتبادلوا نظرات قاسية. لم يهمهم قدرة لذاته، بل لم يكن أحد منهم يحبه، ولم يكن أحد منهم يحب الآخر قط، ولكن جمعتهم رغبة واحدة في الإرهاب والذود عن الفتونة. وتساءل الليثي: وبعد؟
فقال زقلط: ينبغي أن أرجع إلى الناظر كالعهد بيننا.
31
अज्ञात पृष्ठ