فوقف جبل مواجها الناظر في شجاعة، وهو يدرك تماما أنه يفتح بابا ستهب منه العواصف جامحة، ولكنه كان يستمد من مقابلة الخلاء شجاعة لا تتزعزع. قال: جئت مطالبا بحقوق آل حمدان في الوقف وفي الحياة الآمنة!
اسود وجه الأفندي من الغضب على حين فغرت الهانم فاها من اليأس، وقال الرجل وهو يحدجه بنظرة محرقة: أتجرؤ حقا على معاودة هذا الحديث؟ أنسيت أن المصائب تتابعت عليكم مذ جرؤ شيخكم المخرف على التقدم بهذه المطالب الخرافية؟! أقسم على أنك جننت، ولست مطالبا بتضييع وقتي مع المجانين.
وقالت هدى بصوت باك: جبل، كان في نيتي أن أدعوك أنت وزوجك للإقامة معنا.
لكن جبل قال بصوت قوي: إنما رددت على مسامعك رغبة من لا ترد له رغبة، وهو جدك وجدنا الجبلاوي!
نظر الأفندي إلى جبل بإمعان وتفرس وذهول. نهضت هدى جزعة ووضعت كفها على منكب جبل وهي تتساءل: جبل، ماذا دهاك؟!
فقال جبل باسما: بخير يا سيدتي.
فقال الأفندي في ذهول: بخير؟! أنت بخير؟ ماذا حصل لعقلك؟
فقال جبل بهدوء وسكينة: اسمع قصتي واحكم بنفسك.
وقص عليهما ما سبق أن قصه على آل حمدان. ولما فرغ من قصته قال الأفندي وكان يتفرس في وجهه طوال الوقت بريبة: الواقف لم يغادر بيته قط منذ اعتزل!
فقال جبل: لكني قابلته في الخلاء.
अज्ञात पृष्ठ