अवहाम अल-अक्ल
أوهام العقل: قراءة في «الأورجانون الجديد» لفرانسيس بيكون
शैलियों
55
كما أن معاملة بعض آباء الكنيسة الأوائل لم تكن أفضل حالا مع أولئك الذين أثبتوا بأوثق البراهين (بحيث لا يعترض عاقل عليها الآن) أن الأرض كروية، وبالتالي أكدوا وجود النقاط المتقابلة
antipodes .»
56
وحتى في الوضع الحالي فإن الحديث عن الطبيعة قد غدا أصعب وأخطر بسبب الخلاصات ومناهج العرض
57
التي وضعها اللاهوتيون السكولائيون، الذين بعد أن ردوا اللاهوت إلى نظام مطرد قدر استطاعتهم، وصبوه في شكل علم؛ راحوا يمزجون فلسفة أرسطو الشائكة والخلافية بجوهر الدين أكثر مما ينبغي. «ونفس الميل تبدى - وإن بطريقة مختلفة - في رسائل أولئك الذين لم يتورعوا عن استنباط وتأييد صدق الدين المسيحي من مبادئ الفلاسفة وسلطتهم، وهللوا لزواج الإيمان والعقل كما لو كان شرعيا، وفتنوا عقول الناس بتنويعة سارة من الأشياء، إلا أنهم في الوقت نفسه خلطوا الأشياء الإلهية بالأشياء البشرية وهو اتحاد غير متكافئ، ليس في هذه الأخلاط اللاهوتية الفلسفية مكان إلا لما هو مقبول سائد في الفلسفة، أما المذاهب الجديدة - وإن تكن تغييرات إلى الأفضل - فلا تقابل إلا بالرفض والاستبعاد.»
أخيرا سوف تجد أن بعض اللاهوتيين في جهلهم يوصدون تماما كل منفذ إلى الفلسفة مهما نقحت، فبعضهم يحمله ضعفه على التوجس من البحث المتعمق في الطبيعة خشية أن يتجاوز الحدود المسموح بها للفهم الرصين. وهم يسيئون تفسير ما يقوله الكتاب المقدس - في حديثه عن الأسرار الإلهية - ضد التحديق في أسرار الرب، ويطبقونه خطأ على أسرار الطبيعة التي هي غير محظورة بأي تحريم، والبعض الآخر - بمكر أكبر - يخمنون ويتخيلون أنه إذا كانت العلل الوسطى غير معلومة فمن الممكن أن تعزى الأحداث المفردة بسهولة أكبر إلى يد الرب وعصاه (وهو في ظنهم شيء في مصلحة الدين بدرجة عظيمة) «هذه - ببساطة - محاولة «لإرضاء الرب بكذبة».»
58
والبعض يخشى، من مثال سابق، أن الحركات والتغيرات في الفلسفة سوف تنتهي إلى غزو الدين. وأخيرا هناك من يبدو متخوفا من أن تفضي دراسة الطبيعة إلى اكتشاف ما يطيح بالدين أو يهز سلطته على الأقل وبخاصة بين الجهلاء. والخوفان الأخيران أتشمم فيهما رائحة حكمة جسدية، وكأن الناس أحست في أعماق عقلها وفي سرائرها شكا في قوة الدين وهيمنة الإيمان على العقل؛ فتملكها الخوف وأحست أنها مهددة من بحث الحقيقة في الطبيعة. ولكن إذا وضعت الأمر في نصابه الصحيح فإن الفلسفة الطبيعية - بعد كلمة الرب - هي أقوى علاج ضد الخرافة، وأسلم غذاء للإيمان؛ لذا فقد استحقت أن تقدم للدين بوصفها أخلص خدمه؛ إذ إن أحدهما يظهر إرادة الرب، والآخر يظهر قدرته، ولم يجانب الصواب من قال: «تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله.»
अज्ञात पृष्ठ