अवहाम अल-अक्ल
أوهام العقل: قراءة في «الأورجانون الجديد» لفرانسيس بيكون
शैलियों
26
وبصفة عامة: فعلى كل دارس للطبيعة أن ينظر بارتياب إلى كل ما يفتن عقله ويأخذ بلبه، وأن يجعل ذلك همه الأكبر في هذا الصنف من البحث؛ كيما يحفظ ذهنه صافيا ومتوازنا. (59) غير أن «أوهام السوق»
idola fori
27
هي أكثر الأوهام إزعاجا، تلك الأوهام التي انسربت إلى الذهن من خلال تداعيات الألفاظ والأسماء؛ ذلك أن الناس يظنون أن عقلهم يتحكم في الألفاظ، بينما الحقيقة أيضا أن الألفاظ تعود وتشن هجوما مضادا على الفهم، وهذا ما جعل الفلسفة والعلوم مغالطة وعقيمة؛ لأن الألفاظ تكونت في معظمها لكي تلائم قدرة العامة من الناس، وهي تحدد الأشياء بخطوط تقسيم تسهل على الذهن العامي، وحالما أراد ذهن أكثر حدة أو ملاحظة أكثر تدقيقا أن تغير هذه الخطوط لتلائم التقسيمات الأصوب للطبيعة فإن الألفاظ تعترض الطريق وتقاوم التغيير؛ ومن ثم تنتهي الحوارات الرفيعة والجليلة - في كثير من الأحيان - إلى خلافات حول ألفاظ وأسماء؛ ولذا فمن الأسلم (اقتداء بحذر علماء الرياضيات) أن نبدأ منها ونضفي عليها النظام باستخدام التعريفات، إلا أن مثل هذه التعريفات لا يمكنها أن تعالج هذا الخلل إذا كان موضوع الدراسة هو الطبيعة والمادة؛ لأن التعريفات نفسها تتكون من ألفاظ، والألفاظ تولد ألفاظا؛ ولذا فإن علينا أن نلجأ إلى شواهد محددة وإلى تسلسلها المطرد ونظامها، كما سنذكر حالا عندما نعرض للمنهج والطريقة فيما يتصل بتكوين التصورات والمبادئ. (60) هناك نوعان من الأوهام تفرضهما اللغة على الفهم، وهما إما أسماء لأشياء لا وجود لها (فإلى جانب الأشياء التي تفتقر إلى أسماء؛ لأنها لم تلاحظ بعد، هناك أيضا أسماء تفتقر إلى أشياء؛ لأنها وليدة افتراضات خيالية لا تناظرها أشياء في الواقع)، وإما أسماء لأشياء موجودة ولكنها مختلطة وغير محددة؛ لأنها انتزعت من الأشياء على عجل ودون تدقيق. من الصنف الأول لفظ
fortune
28
و«المحرك الأول» و«الأفلاك الكوكبية»
29
وعنصر «النار»، إلى غير ذلك من الخيالات التي تعود في نشأتها إلى النظريات الزائفة العقيمة. هذا الصنف من الأوهام يسهل التخلص منه؛ إذ من الممكن استئصالها بواسطة التفنيد المستمر أو التخلي عن النظريات نفسها. أما الصنف الثاني من الأوهام فهو معقد ومتجذر؛ لأنه ناتج من تجريد مغلوط وأخرق. ولنأخذ كمثال كلمة «رطب»، وننظر إلى أي حد تتسق الأشياء المشار إليها بهذه اللفظة، وسنجد أن كلمة «رطب» لا تعدو أن تكون علامة تستخدم بتسيب وخلط لتدل على أفعال متباينة لا يجمعها أي اطراد أو قاسم مشترك، فهي تشير إلى ذلك الذي ينشر نفسه حول شيء آخر، وذلك الذي لا تخوم له ولا ثبات، وذلك الذي يستسلم في كل اتجاه، وذلك الذي يسهل انقسامه وتناثره، وذلك الذي يسهل تدفقه وتحريكه، وذلك الذي يسهل التصاقه بجسم آخر وترطيبه، وذلك الذي يرد بسهولة إلى الحالة السائلة، أو هو صلب يسهل انصهاره؛ ومن ثم فإذا أتيت إلى استعمال هذا اللفظ ستجد من جهة أن اللهب رطب، ومن جهة أخرى أن الهواء رطب، ومن أخرى أن التراب الدقيق رطب، ومن أخرى أن الزجاج رطب.
अज्ञात पृष्ठ