ऑगस्टीनस: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय
أوغسطينوس: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
). وحقيقة الأمر أنه «من العلامات المميزة لجميع المهرطقين عجزهم عن رؤية ما هو جلي جلاء عظيما لغيرهم من الناس.»
ومن بين علامات المؤمن الحق، حدد أوغسطينوس أنه يجب أن يحب الكنيسة، بما لها وما عليها. ولم ينكر أنه إبان فترة الاضطهاد العظيم قدم بعض الأساقفة تنازلات غير لائقة للحكومة. ولقد أعجب هو أيضا بالمكابيين وحماسهم المتقد للرب. لكن الأخطاء التي وقع فيها أساقفة بعينهم لم تستطع أن تلوث مجتمعا أو تعاقب أسقفا. ولم تعول العناية الإلهية في فعاليتها على القداسة الشخصية لكاهن وحيد، بل على كونه يستجيب لأوامر الرب؛ وبذلك يثبت درايته بأن الكنيسة كلها تنفعل لأفعاله المقدسة؛ وذلك لأن كل فعل من أفعال الكنيسة كاثوليكي. والسر المقدس ينسب للمسيح، فهو ليس ملكية شخصية للكاهن، والخلاص دائما وأبدا من أفعال الرب لا الإنسان؛ ولذا، فإن سر التعميد المقدس الذي يمنحه القديس الأرثوذكسي، والمنشق في ذات الوقت، يجب ألا يتكرر بأي حال من الأحوال. لقد ختم التعميد الروح بختم حاسم مرة واحدة وإلى الأبد، بالضبط كما مات المسيح مرة واحدة وإلى الأبد ليخلص البشرية. وباعتراف الجميع، لا يمكن أن يكون التعميد الذي يمنح في ظل الانشقاق الديني وسيلة لنيل العناية الإلهية بالكامل حتى يتصالح المتلقي مع الكنيسة. وعلى المبادئ نفسها أنكر أوغسطينوس إنكارا محضا أنه من الممكن أن يكون هناك توريث للإثم حتى لو نبع سلسال من الترسيمات من أسقف متهم بخطيئة مهلكة.
لقد دفعت الأعمال الوحشية الدوناتية التي قام بها متعصبو نوميديا أخيرا الحكومة الإمبريالية إلى تبني سياسة إكراه أقوى ضد المنشقين. في بداية الأمر كان لدى أوغسطينوس أقوى التحفظات حيال نشر الحكومة قواتها، وشاركه شكوكه كثير من الأساقفة الكاثوليكيين في أفريقيا. ولم ينكر أوغسطينوس أن الإكراه على قمع أعمال العنف الإجرامية كان شرعيا، ولكن الضغط على الدوناتيين للانضمام إلى الكنيسة الكاثوليكية بالتهديد بفرض غرامات أو الحرمان من حق توريث الممتلكات بدا لأوغسطينوس غير ملائم بالمرة. وسينجم عن هذا الإجراء حالات هداية على سبيل النفاق والمداهنة أو زيادة مهولة في الأعمال الإرهابية التي يتعذر إيقافها أو حتى حالات انتحار بين الدوناتيين. وفي ظل الضغوط الحكومية الشديدة، جرت العادة على أن يلقي متعصبو نوميديا بأنفسهم من على المنحدرات الشاهقة، وزادت حالات انتحارهم من الكراهية التي تعاطى بها الدوناتيون مع المجتمع الكاثوليكي الذي حمل المسئولية كاملة.
كره أوغسطينوس العنف، وعنف بشدة رفاقه الكاثوليكيين الذين تكلموا بقسوة عن الدوناتيين (الرسائل). ولم ينسجم الجدل مع الإكراه. تضمنت نظرية أوغسطينوس اللاهوتية المبدأ القائل، والمفاجئ لكثير من معاصريه، بأن كل الأسرار المقدسة للدوناتيين، وفي ذلك الترسيم، كانت صحيحة. رأى أوغسطينوس أن ذلك سيزيل حاجزا أساسيا أمام لم الشمل المؤسسي، وربما في الوقت نفسه أيضا يحل مشكلة يعاني منها المجتمع الكاثوليكي الذي كان يعاني قصورا شديدا في عدد رجال الدين الذين يعملون في الأبرشيات. علاوة على ذلك، فقد كان من بين الدوناتيين كثير من المسيحيين المخلصين الأنقياء القلوب الذين شعر أوغسطينوس بأن الرب أوجد بينهم عددا ممن اصطفاهم. وسيثبتون أنهم حقا مصطفون إذا أخلصوا فعلا لكنيسة الرب الحقيقية.
لقد حققت سياسة الإكراه الحكومية نجاحا منقطع النظر عمليا، ولا سيما بين أصحاب الأملاك والتجار في المدن، وكان لذلك أثر أقل في بداية الأمر بين الفلاحين المتحدثين بلغة قرطاج. لكن كثيرا منهم لان بمرور الوقت، وحينئذ أوكل إلى أوغسطينوس مهمة البحث الشاقة عمن يجيدون لغة قرطاج للأسقفيات الريفية. كثير من العلمانيين في أفريقيا اعتبروا صراحة انتماءهم إلى ملة بعينها مسألة غير ذات أهمية بالمرة للخلاص. ومن بين الفلاحين، كان هناك مسيحيون ممن اعتنقوا المسيحية لغايات مادية على أهبة الاستعداد للانحياز إلى أي طائفة تلبي مصالحهم المادية أفضل من غيرها. لقد جعل بؤس الشقاق وعذابه كثيرين يرتدون إلى وثنيتهم القديمة. ولعب الإرهاب في نوميديا دورا كبيرا في الحفاظ على الولاء الدوناتي، وكان الذين يرتدون عن الدوناتية إلى الكاثوليكية عرضة للنهب والسرقة تحديدا.
شغلت عملية المصالحة قسما كبيرا جدا من وقت أوغسطينوس وجهده على مدار سنين طويلة. وعجل بلم الشمل مؤتمر ضخم عقد في قرطاج عام 411؛ حيث واجه أساقفة دوناتيون وكاثوليكيون بعضهم بعضا برئاسة مفوض إمبراطوري (كاثوليكي) وكل إليه التحكيم بين الأحزاب المتخاصمة. كان أوغسطينوس متحدثا رسميا أساسيا باسم القضية الكاثوليكية، وأقنع الأساقفة الكاثوليكيين بالبدء على الملأ في الإعلان عن أنه إذا قبل الدوناتيون بتناول العشاء الرباني معهم وقبلوا الوحدة، فسيدعون حينئذ أقرانهم من الدوناتيين للمشاركة في رعاية كل أبرشية. ولم يكلف العرض السخي شيئا . كانت الضغائن المتبادلة أعظم أثرا من العرض بحيث قضت على كل فرصة لقبوله.
كانت نية الحكومة إذ دعت إلى عقد ذاك المؤتمر، وقد أصدرت حكمها مسبقا لصالح الكاثوليكيين، تبرير سياسة لاحقة من الضغوط المستمرة على عموم الدوناتيين. هل يمكن تبرير الإكراه استنادا إلى أي أسباب بخلاف النجاح العملي؟ من سوء الطالع أن أوغسطينوس رأى كم كانت الضغوط الحكومية تحقق من نجاح؛ ففي مدينته هيبو، تحولت أقلية كاثوليكية إلى أغلبية. وقرر أن يطرح دفاعا نظريا من شأنه أن يتلاقى مع مخاوف الأساقفة الكاثوليكيين الذين شعروا بأنه ما من قوة أو ضغوط اجتماعية يجوز توظيفها للتأليف بين أي إنسان والكنيسة، وأن الكنيسة فيها ما يكفي من المنافقين المداهنين بالفعل من دون أن تدعو إلى أحضانها عددا كبيرا من الأنصار المكرهين وغير المخلصين صراحة. وسرعان ما اكتشف أوغسطينوس أنه من بين المهتدين الدوناتيين كان هناك قلة من الأتقياء الأفاضل الذين سعد بانضمامهم. لقد كانت عملية الهداية على أي حال مسألة طويلة تتطلب حياة كاملة، ولم تكن قط مسألة تتم بين ليلة وضحاها. وحتى الحاقدون والمستوحشون سيكتشفون بلا شك في نهاية المطاف أن الضغوط الساعية إلى لم شملهم بالكنيسة كانت لصالحهم ما دام أنها كانت لخلاصهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة. أخبر الملك في قصة وليمة العرس الإنجيلية حاشيته أن يملئوا مائدته عن طريق إجبار الناس على الحضور. لكن المسيح طرد التجار من المعبد بسوط من حبال رفيعة. إن الإعتاق من العقاب ليس دوما بالفعل الذي يقوم به الآباء الحكماء والمحبون، والجراح لا يستطيع أن يعالج دون أن يلحق ألما، لكن غايته شفائية وإصلاحية.
لقد مكنت اقتباسات مختارة من كتابات أوغسطينوس المناوئة للدوناتيين بعض علماء الشرع الكنسي بالعصور الوسطى من أن يجعلوه يبدو وكأنه كان يبرر الإجراءات المتشددة التي اتخذت ضد المهرطقين في العصور الوسطى اللاحقة. كان أوغسطينوس سيصاب بالذعر بسبب حرق المهرطقين، وبسبب المعتقد الذي لم يشع وحسب بين البروتستانت في القرن السادس عشر والكاثوليكيين في العصور الوسطى، بل أيضا في عالم العصور الوسطى للأرثوذكسية البيزنطية، ذلك المعتقد الذي مفاده أن الأفكار الضلالية ذات طبيعة ماكرة وشيطانية جدا، لدرجة أن الطريقة الوحيدة المتاحة للحيلولة دونها تتمثل في استئصال مروجيها. في العصور الوسطى المتأخرة، بدأ الناس ينظرون للمهرطقين بالطريقة نفسها التي ينظر بها البعض في عصرنا هذا للخاطفين القاتلين أو تجار المخدرات القوية المفعول، الذين يصعب تقويضهم عمليا من دون قتلهم. ولقد استندوا إلى نصوص مختارة من أعمال أوغسطينوس لتبرير القسوة، وتجاهلوا المواطن العديدة التي عارض فيها كليا التعذيب والعقوبة القصوى أو أي أسلوب تأديبي يتجاوز ما قد ينتهجه أب محب بحق مع ابنه المذنب. وتحديدا بعد إبطال مرسوم نانت في فرنسا، التمس المعتذرون عن قمع المسيحيين الفرنسيين مساعدة أوغسطينوس. وعندما كتب «أحب وافعل ما تشاء» (في رسالة إلى يوحنا
In
epistulam Johannis ، وفي مواطن أخرى)، أثبت السياق أنه نظر إلى هذه المعادلة الساخرة على اعتبار أنها تقدم تبريرا لتأديب المذنب، وكذلك مبدأ لضبط النفس الشديد على غرار هذا التأديب.
अज्ञात पृष्ठ