ऑगस्टीनस: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय
أوغسطينوس: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
De libero arbitrio ).
لم يرد أوغسطينوس أن يسأل عن علة وجود العالم وحسب، بل كذلك عن كيفية معرفة عقولنا للأشياء سواء عن طريق الحواس الخمس أو بواسطة الكلمات التي هي «علامات». إن الأسئلة التحليلية المتعلقة بوظيفة اللغة يتعين أن تطرح أولا إذا كان المرء يعتزم أن ينطلق منها إلى الأسئلة الوجودية التي تكمن وراءها. إن هذا الاهتمام بالكلمات والمعاني وعلاقتها بالواقع أثاره فيه دوره المتنامي كعالم لاهوت علماني قائم على تفسير خطاب ذاتي مقدس عبر «كلمة الرب». لقد كان حساسا جدا تجاه حقيقة أن قسما كبيرا من اللغة الدينية كان مجازيا أو غير مباشر؛ فما قد يفسره غير المتأملين، سواء المؤمنون أو الكافرون، على اعتبار أنه نثر تقريري بسيط غالبا ما يكون مزيجا من الاستعارات الخيالية التي تثري الحدس والبصيرة العميقين بدلا من أن تمثل نتيجة استنباط مدروس. كان أوغسطينوس على دراية بأن الطموح الديني يمكن، على الأقل لكثيرين، أن يكون ذا صلة وثيقة بالموسيقى. وخلال حياته، كانت الكنائس الكاثوليكية في شمال أفريقيا تتصالح بقدر متزايد مع الفن الصوري، وتبادر بتثبيت جداريات تصور المسيح والعذراء وبطرس وبولس، رسل العهد القديم، وآدم وحواء (بلباس محتشم)، والتضحية بإسحاق، وغير ذلك من جداريات. شعر بحس الأفلاطوني لديه بالتحفظ تجاه قوة الفن علها تعترض السبيل ما بين الروح والرب بدلا من أن تعمل دوما كجسر من الحواس إلى الروح. لكنه دافع عن الموسيقى الكنسية ضد التطهيريين الذين أرادوا استبعادها بالكامل، وأقر بأنها، على خطورتها المحتملة، وسط طبيعي لمشاعر السمو والتواضع المهيب.
كتب أوغسطينوس أيضا كعلماني في طاغست اثنين من أكثر أعماله أثرا؛ ألا وهما «المعلم» و«حول الدين الحق».
كان عمله «المعلم» بمنزلة تذكار لابنه غير الشرعي البارع أديوداتوس الذي صيغت أفكار أوغسطينوس بالتحاور معه. يختص هذا العمل بكيفية توصيل الحقيقة للبشر، وتبدأ المناقشة بالإجابة البسيطة أننا نوصل الحقيقة للبشر بالكلمات. ولكن هذه الإجابة الساذجة تتعرض بشكل متزايد لنيران النقد؛ فالكلمات مجرد أصوات تستقي أهميتها من العادة والتقليد، لكنها تنقل المعنى وحسب بطريقة متناقضة وبدرجة محدودة. ومعنى اللفظ يتحدد على الأقل بنبرة الصوت أو السياق أو الإيماءات بقدر ما يتحدد بالمقاطع المنطوقة. وتعبير ملامح وجه المتكلم ستفضحه أمام المحيطين به إذا كان ساخرا. وبعض العبارات الاصطلاحية يمكن أن تحمل معنى معاكسا لما تشي به الكلمات في ظاهرها. وإذا وصفت رجلا بأنه محام نزيه فقد لا يعني بضرورة الحال أن هذا هو مقصدك بالضبط من وصفك له. علاوة على ذلك، فالكلمات يمكن استخدامها كذريعة للتستر أو للخداع بغية نقل معلومات مغلوطة. وعلى أي حال، فالكلمات مجرد أصوات مادية، والعقل هو الذي يضفي عليها أهمية.
لا شك أن أوغسطينوس كان آخر من ينكر أن الكلمات مفيدة؛ فالأستاذ البارع جدا في تطويعها كان من المستبعد أن يفكر أنها لا تلعب دورا. إضافة إلى ذلك، يوظف الإنجيل الكلمات، والطقوس الدينية «كلمات مرئية» (ردا على فاوست)؛ وذلك أن الكلمة والروح هما اللتان تضفيان قوة ومغزى باطنيا على ما كان يمكن أن يكون فعلا طقسيا خارجيا وحسب (معاهدة إنجيل يوحنا). ولكن لا يستتبع ذلك أن الكلمات بحد ذاتها يمكن أن تكون فعالة أو كافية لنقل المعنى بالكامل في الأمور العظيمة الثقل. فالحقيقة تنقل في نهاية المطاف عبر تجربة غير محسوسة وغير مسموعة وعصية على الوصف للتواصل ما بين عقل وآخر؛ وذلك لأن العقل لا يمكن أن يعرفه إلا العقل.
أدت هذه الأطروحة بأن تفكر أوغسطينوس في طبيعة الصلاة؛ فعقول الأصدقاء المقربين يمكنها التواصل بعضها مع بعض دون أن ينبسوا ببنت شفة، وربما حتى دون إيماءة واحدة. والرب المبهم السامي هو أيضا أكثر «استبطانا» من أي شيء يمكن أن نعبر عنه، «عندما نصلي، عادة لا نكاد نعرف معنى الكلمات التي نستخدمها» (مناجاة النفس). وهذا القصور متأصل نوعا ما في حقيقة أن مصطلحاتنا وتقسيماتنا تنتمي إلى خطاب مستخلص من عالم المكان والزمان والتتابع هذا؛ ولذا، فهي تشوش الحقيقة المتعلقة بما هو ثابت وخالد وتحرفها. وهذا القصور نوعا ما علامة على كل الأمور التي تنطوي على شعور عميق (ما من كلمة أمست أكثر تمييزا لأوغسطينوس من «التوق») لدرجة أنها تستقر في مكان عميق جدا لا تصل إليه الكلمات. «لا يستطيع الإنسان أن يقول شيئا عما يعجز عن الشعور به، لكنه يستطيع أن يشعر بما يعجز عن صياغته في كلمات» (العظات، شروحات المزامير).
إن القوة المطلقة للفهم المتبادل ما بين الأصدقاء، بحسب معتقد أوغسطينوس، تعول على المشاركة في المنطق العلوي. ولقد انسجم هذا المعتقد مع لغته السامية العاطفية أحيانا التي يستخدمها لوصف هبة الصداقة. ومشاركة النور المشع من المسيح المعلم تعني أن يمسي المرء متمكنا من إدراك الإيمان المطابق لدى الآخرين. وتحدث أوغسطينوس أحيانا عن الجمع الديني على اعتبار أنه يملك القدرة، التي تتسنى له بالحدس الغامض، على إدراك أشكال أصيلة وغير أصيلة للإيمان. وحدث نفسه أن «الآذان الكاثوليكية» لم تكن بحاجة عادة إلى قرارات رسمية من المجامع الكنسية لتملي عليها أسس عقيدتها (ردا على رسالتين للبيلاجيين). إن هذا التنوير العقلي إذن قوة أو إحساس بالرشد والتعقل وليس معلومات عن الحقائق. وهو يتغلغل في المستويات الأكثر عمقا للشخصية. لقد علم الاستبطان أوغسطينوس وجود اللاوعي: «يمكنك أن تعرف شيئا لا تدري أنك تعرفه» (الثالوث).
من المعروف أن هناك سلسلة أخرى من النصوص كتب فيها أوغسطينوس عن الأعماق السحيقة للقلب البشري، وعن «هوة» الإنسان . «كل قلب مغلق على كل قلب» (شروحات المزامير). بالنسبة إلى الرب كل دافع معلوم، لكن الأمر خلاف ذلك بالنسبة إلى الإنسان؛ فالإنسان نفسه عميق عمق المحيطات، وشديد العمق (الاعترافات)، والفرد لا يستطيع حتى أن يفهم شخصيته وقلبه (شروحات المزامير).
لقد كان لديه أكثر من اهتمام عادي بالتداخلات المنطقية. لكن اهتمامه فيما يعتبره القارئ الحديث علم نفس متعمقا ساعد على أن يجعله متشككا في الحيل اللغوية البارعة التي يمارسها الجدليون؛ فمذهبهم «افتقر للعمق» (الاعترافات، الكتاب التاسع وفي مواضع أخرى). وإذ كان الدين ذا قيمة عظيمة كتدريب على المنطق من وجهة نظره (واعتبره لا غنى عنه بالنسبة إلى علماء اللاهوت)، فقد كان يمس مستويات أعمق من الشخصية. ولقد تحدث عن الحقيقة الدينية باعتبارها تنويرا داخليا من «الرب شمس الأرواح». ولم يقترح قط أن الأفكار الحقيقية متأصلة في الروح أو كامنة بداخلها، فهي دوما تبدو كهبة الخالق.
وبلفظ «الروح» كان أوغسطينوس يعني العنصر اللامادي الأسمى في الإنسان، والجزء الذي يمثل العقل فيه مجرد وظيفة. واعتبر أوغسطينوس ماهية «الروح» وكيفية خلق الرب لها شيئا يتجاوز المعرفة البشرية. وقد علق ذات مرة فيما يختص بتعميد المواليد (تعليق حرفي على سفر التكوين
अज्ञात पृष्ठ