بدأت العمة كاسي تشعر بالغضب مرة أخرى، لكن سابين احتوتها. إذ أردفت تقول: «لا تشعري بالإهانة، يا عمة كاسي. أقصد فقط السيدات الراقيات اللاتي وفقا للمعنى القديم الجذاب للكلمة ... وبالإضافة إلى ذلك، من الذي يمكن أن تتزوج به ولن يكون ابن عم أو ذا قرابة من نوع ما؟» «يجب أن تتزوج هنا ... بين الأشخاص الذين تعرفهم منذ صغرها. يوجد شاب من عائلة مانيرينج قد يكون مناسبا لها، وهناك أيضا الابن الأصغر لجيمس ثورن.»
ابتسمت سابين. وقالت: «إذن لديك خطط لها بالفعل. أيعني هذا أنك حسمت الأمر؟» «بالطبع لم يحسم أي شيء. كل ما هنالك أنني أفكر في الأمر مع وضع مصلحة سيبيل في الاعتبار. إن تزوجت أحد هذين الشابين، ستعرف كم هي محظوظة. ستعرف أنها تزوجت من رجل نبيل.»
قالت سابين: «ربما ... ربما.» بطريقة ما استحوذت عليها روح شريرة وأضافت بهدوء: «وبالطبع هناك هوراس بينتلاند ... يستحيل أن يكون المرء متأكدا تماما.» (يبدو أن سابين لم تنس أي شيء مطلقا.)
وفي اللحظة نفسها رأت، وهي تقف خارج الباب الذي يفضي إلى الشرفة المجاورة للأهوار، شخصا ضخما أسمر البشرة قوي البنية، أدركت بشعور مفاجئ بالبهجة أنه أوهارا. كان يسير عبر الحقول برفقة هيجينز الصغير النحيل، الذي تركه وواصل طريقه إلى نهاية الممر في اتجاه منزل عائلة بينتلاند. عند رؤيته، حاولت العمة كاسي جاهدة الفرار بسرعة، لكن سابين قالت بنبرة متوعدة عذبة: «يجب أن تقابلي السيد أوهارا. أظن أنك لم تلتقي به من قبل. إنه رجل رائع.» ووقفت في موضع يستحيل على المرأة العجوز معه الهروب دون أن تفقد كل ما تبقى من كرامتها وهيبتها.
بعد ذلك نادت سابين بصوت لطيف قائلة: «تفضل سيد أوهارا ... السيدة سترازرس هنا وتتوق إلى مقابلة جارها الجديد.»
فتح الباب ودخل منه أوهارا، الذي كان رجلا قوي البنية يبلغ من العمر حوالي خمسة وثلاثين عاما، ذا رأس جميل يغطيه شعر قصير أسود قوي، وعينين زرقاوين أظهرتا أصله الأيرلندي لما بدا بهما من بريق مستتر ينم عن فرحة بانتقال سابين للعيش بمنزله. وكان يتمتع أيضا بفك قوي وشفتين مكتنزتين جذابتين إلى حد ما، وقدر غريب من القوة الجسدية الهائلة، كما لو أن ثيابه كلها كانت مفصلة لتغطي بصعوبة العضلات الموجودة تحتها. لم يكن يرتدي قبعة ، وكانت بشرته سمراء داكنة، وظهرت على وجنتيه حمرة تشي بتمتعه بصحة جيدة.
للوهلة الأولى، كان يمكن للمرء أن يقول إنه رجل عادي فظ أتى لهذا العالم الضيق المحيط بدورهام، رجل ربما جاء للعمل حمالا بالميناء بسبب عضلاته المفتولة. كانت سابين قد حسبت في البداية أنه شخص فظ، لكنها استسلمت في النهاية لإحساس غريب قوي وضعه في منزلة أعلى من هذه. أما هي فكانت امرأة حادة الذهن، كرست نفسها بشغف لمسألة سبر أغوار الناس؛ وكانت تعرف أن رجلا يملك عينين ماكرتين ومليئتين بالتهكم كهاتين لا يمكن أن يتسم بالفظاظة.
تقدم بهدوء واحترام شديد يشوبه قدر ضئيل من السخافة ولمسة بسيطة من الفظاظة، ما يجعل المرء غير متأكد ما إذا كان قد تعمد إخفاء الفظاظة التي يتسم بها.
قال: «إنه لمن دواعي سروري. بالطبع رأيت السيدة سترازرس عدة مرات ... في عروض الخيل ... وسباقات كلاب الويبيت.»
توقفت العمة كاسي، وتصلب جسدها، وكأنها وجدت نفسها فجأة وجها لوجه أمام أفعى جرسية.
अज्ञात पृष्ठ