26

अवाइल खरीफ

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

शैलियों

حينئذ عرفت. لقد كانت محقة. كان ثمة شيء يكدره. كان دوما يقول الشيء نفسه كلما واجهته مشكلة عويصة للغاية تعجز كتفاه الهرمتان عن حملها. كان يقول دوما في مثل هذه الظروف: «عزيزتي أوليفيا ... هلا أتيت إلى المكتبة؟» لم يستدع مطلقا ابنه، أو أخته كاسي ... لا أحد سوى أوليفيا. كانا يتشاركان فيما بينهما أسرارا لا يمكن لأحد أن يتخيلها أبدا؛ وحين يموت، ستنتقل إليها كل هذه المشاكل ... ستئول إليها لتتعامل معها ... تلك المشاكل الموجودة في عائلة يقول عنها العالم إنها عائلة ثرية ومحترمة وتكاد تخلو من المشاكل.

4

بينما كانت تهم بمغادرة الغرفة لتتبعه، توقفت برهة لتتحدث إلى سيبيل قائلة: «هل أنت سعيدة يا عزيزتي؟ ألست نادمة على عدم عودتك للدراسة بسان كلود؟» «لست نادمة، يا أمي؛ ولم لا أكون سعيدة هنا؟ أنا أحب المكان، أكثر من أي شيء آخر في الدنيا.»

دست الفتاة يديها في جيوب معطفها المخصص لركوب الخيل. «ألا تظنين أنني أخطئت بإرسالك إلى فرنسا للدراسة ... بعيدا عن الجميع هنا؟»

ضحكت سيبيل ونظرت إلى والدتها بالطريقة الصريحة المعهودة المنطوية على بعض السخرية حين تظن أنها كشفت مؤامرة. «هل أنت قلقة بشأن تزويجي؟ ما زلت في الثامنة عشرة من عمري. أمامي الكثير من الوقت.» «أنا قلقة لأنني أظن أنه سيكون من الصعب إرضاؤك.»

ضحكت مرة أخرى. وقالت: «هذا صحيح. ولذلك سأتمهل.» «هل أنت سعيدة بوجود تيريز هنا؟» «بالتأكيد. أنت تعرفين أنني أحب تيريز كثيرا يا أمي.» «عظيم ... هيا اذهبي الآن. يجب أن أتحدث مع جدك.»

وخرجت الفتاة إلى الشرفة حيث وقف جاك تحت أشعة الشمس في انتظار عربة الخيول. كان دوما يتبع الشمس أينما كانت، ويجلس طواعية تحت أشعتها حتى ولو كان هذا في منتصف فصل الصيف، كما لو أنه لم يكن يشعر أبدا بدرجة كافية من الدفء.

كانت قلقة على سيبيل. وكانت قد بدأت تظن أن العمة كاسي ربما كانت محقة حين قالت إنه حري بسيبيل أن تلتحق بمدرسة داخلية مع البنات اللاتي لطالما عرفتهن، لتصبح أكثر ثرثرة وصخبا ومشاغبة وتلعب الهوكي وتتبادل الرسائل القصيرة السخيفة مع الصبيان في المدرسة الداخلية الموجودة في القرية المجاورة. ربما كان من الخطأ إرسال سيبيل للدراسة في مدرسة بالخارج حيث من شأنها أن تقابل فتيات من فرنسا وإنجلترا وروسيا وأمريكا الجنوبية ... أي من نصف بلدان العالم؛ مدرسة ستضطر فيها، مثلما قالت العمة كاسي بمرارة، إلى مصادقة «بنات راقصات ومغنيات أوبرا». عرفت الآن أن سيبيل لم يعجبها الحفل الراقص تماما مثل تيريز التي هربت منه دون إعطاء أي تفسير. لكن في حالة تيريز، لم يكن الأمر ذا أهمية كبيرة، لأن رأسها العنيد كان يعج بألوان شتى من الأفكار الجامحة بخصوص العلم والرسم والكتب الغريبة عن علم النفس. كان ثمة شعور بالوحدة يكتنف تيريز وأمها، سابين كاليندار، ولكن في حالتهما لم يكن هذا يهم. كانتا تتحليان، أيضا، بصلابة وبقدر من السخرية والازدراء كان يحميهما. لم يكن لدى سيبيل أي من هذه الإسقاطات. ربما أخطأت أيضا في تحويلها لسيبيل إلى «سيدة مجتمع راقية» - سيدة مجتمع راقية بالمعنى القديم للكلمة - لأنه بدا أنه لا يوجد مكان لنموذج سيدة المجتمع في منظومة الحياة كما ظهرت في الحفل الراقص الليلة السابقة. كان من الخطير أن يكون لديك سيدة مجتمع راقية، لا سيما سيدة مجتمع عازمة على الخوض في الدنيا بشغف كما تفعل سيبيل.

أرادت للفتاة أن تكون سعيدة، دون أن تدري أن السبب وراء هذا أن سيبيل كانت تبدو مثلما كانت هي نفسها ذات يوم، وكانت جزءا أصيلا من نفسها، الجزء الذي لم يعش الحياة على الإطلاق. •••

وجدت حماها يجلس إلى مكتبه الماهوجني الضخم في الغرفة العالية السقف الضيقة التي تغطي حوائطها كتب كانت مقدسة عنده، ومن هذا المكتب كان يدير المزرعة ويتعهد ثروة، بنيت تدريجيا بفطنة، وبتدبير على مدار أكثر من ثلاثمائة عام، ثروة لم يستطع أبدا أن يأتمن عليها ابنه. ففي هذه الغرفة الساحرة، بكآبتها وبرودها، ورائحة الكلاب والتفاح ودخان الخشب الذي يفوح منها، وأحيانا رائحة الويسكي، كان ينعزل الرجل المسن حين تنتابه نوبة هيستيرية متسمة بالحيرة، ويفقد الإدراك من الإفراط في الشراب. هنا كان أحيانا يجلس ليلا ونهارا، بل ويخلد إلى النوم على كرسيه الجلدي، رافضا مقابلة أي شخص باستثناء هيجينز، الذي كان يرعاه، وأوليفيا. ولذلك كانت أوليفيا وهيجينز وحدهما هما اللذان يعرفان بأمر هذه العزلة وتناول الشراب منفردا. ولم يكن العالم الخارجي، وحتى العائلة نفسها، يعرفان عن هذا الأمر إلا القليل - فقط القليل الذي كان يتسرب أحيانا عبر نميمة الخدم الذين يتسكعون ليلا في الأزقة المظلمة وحول السياجات المحيطة بدورهام.

अज्ञात पृष्ठ