كاليل يقذف جلمودا بجلمود
ولكن طوفان المغول أعظم من أن تثبت فيه صم الجلاميد، أو يغني فيه العزم المرير والبأس الشديد.
ذلكم جلال الدين على نهر السند، وأولئكم المغول على النهر يكر عليهم كالأسد المحرج، ويصدقهم القتال من الفجر إلى الظهيرة، يموت في يمينه الحسام بعد الحسام، وينفق تحت عزائمه الجواد بعد الجواد، فلما سدت على العزائم سبل النصر، وضاقت بالمجال حيل الأبطال، حمل على عدوه فحطمه، ثم انثنى إلى النهر فاقتحمه، والموت خزيان ينظر. تلك لجة النهر تموج بجلال الدين وجنوده، وفوقهم من سهام المغول وابل منهمر، وفي الهمم القعساء تستوي الغبراء والدأماء. أعجب الأعداء بهؤلاء الأبطال، فوقفوا معجبين ينظرون.
غرق معظم الجند، وخرج البطل ببقايا القتل والغرق ليلقى بهم عدوا آخر، فهذا «جودي» أحد أمراء الهند يغير على البطل المرزأ لينفيه من أرضه، وهذا جلال الدين على العلات يصمد للمغير فيهزمه.
ثم جاء مدد من جنوده فتقدم في أرض الهند، وأقام بها حيث شاء على رغم «قراجة» أمير السند، وإيلتتمش أمير دهلي اللذين تحالفا وحالفا عليه الدهر.
وما جهد هذا الدهر إلا هزيمة
إذا نازلت عزم الكرام كتائبه
3
أتحسب جلال الدين بلغ من الجهد غايته، ومن الجلد نهايته، وقد أعذر إلى المجد والملك والرعية؟ أتحسبه، وقد فقد ملكه جميعه، وهزم في أرض غريبة، تبلد يطلب في فجاج الأرض مفرا، أو يلتمس في زواياها مستقرا؟ كلا! إنه فقد ملكه ولم يفقد رجاءه، ولا عزمه ولا إباءه. إن له ملكا وإن يكن في يد العدو الجبار، وإن له عرشا وإن يكن في ذمة الزمان الغدار. إن أمامه في عراك الخطوب ثماني حجج تطير فيها بين المشرق والمغرب همته، وتنقله من حرب إلى حرب صرامته، ويسلمه من مصيبة إلى مصيبة حظه.
يشق بين الأهوال طريقه إلى كرمان ففارس فأصفهان فالري، ثم يصمد للخليفة العباسي الناصر، فيهزم جنده، ويقتل قائده، ويسوق المنهزمين إلى أسوار بغداد.
अज्ञात पृष्ठ