غير أني أخاف من آلامي
أيهذا المكان يا غالي الترب
ومثوى عبادتي واحترامي
أنت مثوى الذكرى ومدفنها الغا
لي القصي المجهول في الأيام
إلى آخر أبياتها البديعة.
ومثلها أيضا قصيدة «البحيرة
Le Lac » للامرتين؛ فإن ترجمتها من فرائد ناجي المعدودة، وقس عليها قصيدة «جسر التنهدات» عن توماس هود، فقد أبدع فيها كذلك أيما إبداع، وما السر في كل هذا التوفيق إلا التجاوب الروحي والفني بين شاعرنا النابغة وأولئك الشعراء النوابغ، فانعكست شاعريتهم الجميلة في مرآة شعره أبهى انعكاس، وكان عكس ذلك في ترجمة البستاني للإلياذة، وفي تراجم أخرى صناعية مجردة عن الروح والصفاء والعذوبة.
وبديهي أنه ما من لغة تقابل الأخرى تماما، فالترجمة الشعرية تحمد إذا ما رددت أو عكست الروح الشعرية الأصيلة في موسيقى وأسلوب ملائمين للموضوع وللغة المنقول إليها، وإنما العبرة الأولى بقوة الروح الشعرية.
والشاعر السطحي الذي لا ينظر خلف مظاهر الحياة ويستنطق رموزها ليس جديرا بهذه التسمية العظيمة، وتأتي بعد هذه النظرة أو معها موسيقية الشعر التي تختلف باختلاف ضروبه وموضوعاته اختلافا شاسعا، ولم يجعل الشعر أقل تقدما من غيره سوى عبودية الشعر للموسيقى فيما نرى، ومن ثمة كانت جهود الشعراء المجددين للتحرر من هذه العبودية بطرائق فنية شتى من خير ما خدم به الشعر العربي؛ لأن العاطفة التي يعبر عنها الشعر هي في المعتاد حية وثابة، وليست مما يعوق تقدم التعابير الشعرية في أي زمن.
अज्ञात पृष्ठ