أولا: النظر إلى جمال الطبيعة. ثانيا: القرآن الكريم بفصاحته وبلاغته الرائعة. ثالثا: الحركة الوطنية التي لولاها لما بلغت هذه السرعة في التطور الفكري.»
هذا ما روته الآنسة «مي» عن نشأتها وحياتها الأدبية، وقد ذكرت خمسة كتب من أهم مؤلفاتها ومترجماتها، وقد كانت تكتب الشعر الحر أو الشعر المنثور، على أن الكاتبة الأديبة لم تزعم يوما أن هذا النثر الفني الجميل كان شعرا، ولم تدع هذه الدعوى التي يدعيها بعض أدبائنا الشبان لأنها تعلم الفرق بين الشعر والنثر.
وقد كانت «مي» ذات عاطفة مرهفة، وكان الأسى يبدو واضحا في كتاباتها الأدبية، ولعل ظروف حياتها التي بدأتها وحيدة، لا تهنأ بأخوة وأخوات يؤنسونها في هذه الحياة الدنيا إلا أخا واحدا لم يعش إلا قليلا، ثم صمت بالموت؛ هي التي أثرت في نفسها هذا التأثير، ثم مات والدها عام 1929، ولحقت به والدتها بعد بضع سنوات، وبقيت بلا أب ولا أم ولا أخ.
وذات ليلة كنت أزورها، فرأيتها جالسة وحيدة، فجرى حديث بيني وبينها عن الحياة وغايتها، وما فيها من سعادة وشقاء، فقالت: «هل تظن أن في الحياة سعادة أو أننا بالحياة سعداء؟» ثم قالت: كأني بابن الفارض يعني «السعادة» بهذه الأبيات:
صفاء ولا ماء، ولطف ولا هوى
ونور ولا نار، وروح ولا جسم
ويطرب من لم يدرها عند ذكرها
كمشتاق نعم كلما ذكرت نعم
على نفسه فليبك من ضاع عمره
وليس له فيه نصيب ولا سهم
अज्ञात पृष्ठ