अतवाल
الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم
يسئلونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل) (¬1) سألوا عن بيان ما ينفقون، فأجيبوا ببيان المصارف تنبيها على أن المهم هو السؤال عنها؛ لأن النفقة لا يعتد بها، إلا وأن تقع موقعها، وكل ما هو خير فهو صالح للإنفاق، فذكر هذا على سبيل التضمين دون القصد كذا في الشرح، ويحتمل أن يكون وجه كون بيان المصارف مهما لهم دون نفس النفقة. إن نفقاتهم كانت على وجه لا قصور فيها، لكن كانوا أهل التفاخر والمباهاة فيصرفونها إلى الأباعد وأرباب الجاه والثروة، فأجيبوا ببيان المصارف (¬2) تنبيها على أن المهم لكم في الإنفاق ذلك؛ لأن خطأكم فيه في المصرف لا فيما تصرفون (ومنه التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي تنبيها على تحقق وقوعه)، وكأنه اعتمد على أنه يتنبه من له فطنة أن التعبير عن الماضي بلفظ المضارع- أيضا- من خلاف مقتضى الظاهر، لا لنكتة تبين في محلها، ولم يتعرض له لذلك، لا لاختصاص بخلاف مقتضى الظاهر بما ذكره، بل كل مجاز كذلك (نحو: ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض) (¬3) سها، فوضع، فصعق مكان، ففزع، ويبعد أن يقال: لم يمثل بالقرآن، بل تركيب مصنوع له وافق أكثره لفظ النظم (ومثله) في كونه خلاف مقتضى الظاهر أو في النكتة وإن الدين لواقع (¬4) أي: التعبير عن المستقبل # بلفظ اسم الفاعل، ونبه بقوله: ومثله على تفاوت بين المثالين، وكأنه ذلك أنه لا اشتباه في كون المستقبل بلفظ الماضي خلاف مقتضى الظاهر، وأما كون اسم الفاعل في المستقبل خلاف مقتضى الظاهر في خفاء لعدم دلالته على زمان، ووجه التنبيه فيه على تحقق الوقوع أن اسم الفاعل حقيقة فيما فيه الموصوف به في الحال اتفاقا مجاز فيما يتصف به بعد التعبير اتفاقا، واختلف فيما اتصف به قبل وانقضى بالدين جزاء يوم البعث.
أما إذا أريد الجزاء كما بين في الأصول، هذا إذا أريد الجزاء مطلقا، والله تعالى يجزي العباد في الدنيا أيضا، فليس التعبير عن المستقبل باسم الفاعل، بل عما لا يختص بزمان (وبنحو ذلك) ولا يبعد أن يقال: الظاهر لمن يعلم زمان ما يخبر عنه بالتحقق وهو غائب عن المخاطب أن يبين زمانه بخلاف ما هو حاضر بين يديه، والدين كذلك، فكان مقتضى الظاهر أن يقول: إن الدين ليقع، فلما قال: إن الدين لواقع، نزل منزلة المحقق الشاهد للمخاطب يوم مجموع له الناس (¬1) أي: يجمع نزله منزلة الحال بعد أن أحضره، وجعله مشاهدا مشارا إليه بالإشارة الحسية، فإن تلك الإشارة تستدعي جعل الجمع فيه في الحال، فاحفظه، فإنه بديع لعله رفيع، وأقول في كون التعبير عن مستقبل بلفظ الماضي، والعكس من خلاف مقتضى الظاهر مطلقا نظر، لأنه إذا عبر عن المستقبل بلفظ الماضي على خلاف مقتضى الظاهر مرة ثم عبر ثانيا عنه بلفظ الماضي، فذلك التعبير مقتضى الظاهر، وعلى وفق الأسلوب حتى لو عبر عنه بلفظ المستقبل كان خلاف مقتضى الظاهر؛ لكونه خلاف الأسلوب، وأظن بك ألفا بهذا التحقيق بعد أن صرت في بحث الالتفات على التوثيق، فقستك (¬2) بما هو الحق واسأل الله التوفيق.
पृष्ठ 427