(ولم آل) من الألو، كالنصر، أو الألو، كالعتو، أو الألي، كالعتي بمعنى التقصير. (جهدا) أي لم ينته اجتهادي واستفراغ طاقتي، أو لم يعجز فإن التقصير عن الشيء يكون بكلا المعنيين، أو من الألو كالنصر والألو كالعدو بمعنى الترك أي لم أترك اجتهادا؛ كل ذلك من القاموس. وقد أثبت الشارح الألو متعديا إلى مفعولين كقولهم لا آلوك جهدا؛ فجعله لمعنى المنع، والظاهر أنه من قبيل الحذف والإيصال، والأصل لا آلوك جهدا أي لا أترك. (في تحقيقه) # متعلق بالجهد أو آل، والضمير راجع إلى ما فيه، وما يحتاج إليه، ويعلم عدم تقصيره في حق ما أضاف إليه مما اختص به بالطريق الأولى، أو إلى المختصر.
(وتهذيبه) أي تنقيحه (ورتبته ترتيبا أقرب تناولا) أي أخذا، وهو في الأصل مد اليد إلى الشيء ليؤخذ (من ترتيبه) أي السكاكي، أو القسم الثالث، أو المختصر، وحينئذ من تعليلية، وأقرب تناولا حال من المفعول أي حال كونه أقرب تناولا من القسم الثالث، من أجل ترتيبه، (ولم أبالغ في اختصار لفظه) هذا الظرف إما قيد للنفي، أو المنفي والمآل واحد، وفائدة التقييد الإشارة إلى أنه بالغ في اختصاره بالتجريد عن التطويل؛ لكن قوله: (تقريبا لتعاطيه وطلبا لتسهيل فهمه على طالبيه) - تعليلان للنفي- وليس النفي نفي المعلل؛ إذ لا وجه لقصد أن الاختصار لتقريب التعاطي، وطلب تسهيل الفهم على الطالبين ترك؛ بل لو كان في الاختصار تقريب التعاطي وطلب تسهيل الفهم لوجب أن يلتزم، وهذا غير ما رد به الشارح من أنه على أصل الشيخ أن نفي كلام فيه قيد يرجع إلى القيد، ويستدعي بقاء الأصل، فيكون المعنى أن المبالغة في اختصار لفظه تحققت لا لتقريب تعاطيه وطلب تسهيل الفهم على طالبيه، وليس الأمر كذلك، والعامل في علة النفي كالعامل في علة المنفي الفعل المنفي، والفرق بالنفي قبل التقييد أو بعده، ألا ترى أن العامل في المفعول به في لم أضرب زيدا على الوجهين هو الفعل لا معنى النفي؟ ! فما في الشرح أنه يجب تأويل لم أبالغ بالفعل المثبت أي تركت المبالغة حتى لو لم يؤول لكان المعنى على نفي التعليل سقيما عليلا (¬1)، وعلى ما ذكرنا من الفرق التعويل والله الهادي إلى سواء السبيل.
وإنما علل ترك المبالغة في اختصار اللفظ لأن الاختصار في المتون مطلوب، والمبالغة فيه شعار مهرة البيان، والتسابق فيه مما يحرص فيه غاية الإمكان، فنفي المصنف بالتعليل تهمة عجزه في مقام البيان عن التعليل.
पृष्ठ 152