Attaining the Goal by Refining the Beginning of Guidance
بلوغ الغاية من تهذيب بداية الهداية
प्रकाशक
دار البشير للثقافة والعلوم
शैलियों
- قال العلامة أبو الفرج ابن الجوزي ﵀ ﴿المتوفى سنة ٥٩٧ هـ﴾ في مقدمة كتابه الموسوم بـ"منهاج القاصدين ومفيد الصادقين" وهو اختصار لكتاب "الإحياء" للغزالي:
«اعلم أن في كتاب " الإحياء " ﴿وغيره﴾ (١) آفات لا يعلمها إلا العلماء،
وأقلها الأحاديث الباطلة الموضوعة، والموقوفة وقد جعلها مرفوعة (٢)، وإنما
_________
(١) أضفت هذه الكلمة؛ لأن جُل كتب الإمام الغزالي ﵀ تشتمل على بعض هذه الآفات التي يشير إليها ابن الجوزي ﵀، ومن جملة ذلك كتاب "بداية الهداية"، وهو بمثابة صورة مصغرة لكتاب "الإحياء"، فما يقال في "الإحياء" يقال فيه. والله الموفق لا رب سواه.
(٢) ومن أوضح الأدلة على ذلك كتاب الحافظ زين الدين العراقي ﵀ ﴿المتوفى سنة ٨٠٦ هـ﴾ المسمى: " المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار "، فكم من الأحاديث التي جزم الغزالي ﵀ بنسبتها إلى النبي ﷺ، ويقول فيها الحافظ العراقي ﵀: «لا أصل له»، و«لم أجد له أصلًا» ... فضلًا عن الأحاديث الموضوعة، فضلًا عن المنكرة والشاذة والضعيفة المعلولة، حتى قال بعض أهل العلم: «ما رأيت كتابًا أكذب على النبي ﷺ من " الإحياء "»!، ولكننا نقول كما قال ابن الجوزي ﵀: إن الإمام الغزالي لم يتعمد الكذب على رسول الله ﷺ حاشاه من ذلك - ولكنه نقل الأحاديث «كما اقتراها، لا أنه افتراها»، والإمام ﵀ لم يكن من ذوي الاختصاص في علم الحديث حتى يستطيع تمييز صحيح الأخبار من سقيمها، وطيبها من خبيثها، وقد اعترف ﵀ بذلك حيث قال: «أنا مزجى البضاعة في الحديث».
بيد أن الإمام ﵀ مال في آخر عمره إلى سماع الحديث وحفظه، ومات وصحيح البخاري على صدره.
وراجع ترجمة الإمام ﵀ في " البداية والنهاية " للعماد ابن كثير أبي الفداء ﵀ ﴿المتوفى سنة ٧٧٤ هـ﴾ (ج١٢/ ١٤٩) طـ مكتبة الصفا، حوادث سنة (٥٠٥ هـ). وراجع أيضًا "سير أعلام النبلاء" للحافظ العالم العلامة شمس الدين الذهبي ﵀ ﴿المتوفى سنة ٧٤٨هـ﴾.
ومن الأهمية بمكان أن نذكر بأنه ليس معنى تبيين ما في كتب الإمام من الآفات أن نهضمه حقه، وننسى جهودَه وحسناتِه! ... كلا ثم كلا؛ فالغزالي هو الغزالي، وكفى الغزاليَّ فخرًا أنه الغزالي، ذلك الإمام العلامة الجهبذ النحرير الحِبل الزاهد العابد العارف الورع، الذي تشهد الدنيا بورعه وزهده وعلمه، ومن أنكر ذلك فكأنما أنكر ضوء الشمس في رابعة النهار:
وكيف يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل
وإنما ذكرنا ما ذكرناه من باب النصيحة كما أسلفنا، وإلا فقد قال نبينا ﷺ: «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث»، ولله در من قال:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ... جاءت محاسنه بألف شفيع
وأجمِل بقول القائل:
فإن يكن الفعل الذي ساء واحدًا ... فأفعاله اللاتي سررن كثير.
1 / 17