244

Atheer Ibn Badis

آثار ابن باديس

अन्वेषक

عمار طالبي

प्रकाशक

دار ومكتبة الشركة الجزائرية

संस्करण संख्या

الأولى عام ١٣٨٨ هـ

प्रकाशन वर्ष

١٩٦٨ ميلادية

शैलियों

والتقتير. فالمأمور به هو العدل الوسط، فعلى ذي المال أن يأخذ في إنفاقه بهذا الميزان ليكون إنفاقه محمودًا. فلا يمسك عما يستطيع ولا يتجاوزه إلى ما لا يستطيع أو إلى ما يوقعه في عسر وضرر.
وكان النهي عن كل البسط لأنه هو الذي فيه إسراف، وأما أصل البسط الذي هو توسعه بحكمة فغير منهي عنه لأنه لا ضرر فيه.
وحذر تعالى من سوء عاقبة الإسراف والتقتير بقوله: ﴿فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾. البخيل الممسك ملوم من الله تعالى ومن العباد إذا لم تلمه نفسه الخبيثة لموت قلبه. على أنه سيلوم هو نفسه بعد الموت. والمسرف ملوم من الجميع ومن نفسه بعد ضياع ما في يده. والمحسور المتعب المضني الذي انكشفت عنه القوة ولم تبق به قدرة على شيء. تقول العرب: حسرت البعير، أي انضيته وأتعبته بالسير حتى لم يبق به قدرة عليه. والجمل لا يقطع الطريق ويصل إلى الغاية إلا إذا حافظ صاحبه على ما فيه من قوة فسار به سيرًا وسطًا. أما إذا أجهده واستنزف قوته فإنه يسقط كليلًا محسورًا، فلا قطع طريقه ولا وصل منزله ولا أبقى جمله. فكذلك الإنسان في طريق هذه الحياة محتاج إلى قوة المال، فإذا أنفقه بحكمة نفع به وانتفع، وبلغ غاية حياته هادئًا رضيًا، وإذا بسط يده فيه كل البسط أتى عليه فانقطع النفع والإنتفاع ولم يبلغ غاية حياته إلاَّ بأتعاب ومشاق.
وعلم من هذا أن قوله: ﴿مَلُومًا﴾ يرجع للمقتر والمسرف، وقوله: ﴿مَحْسُورًا﴾ يرجع للمسرف فقط. ولكن لما كان المحسور هو الذي ذهبت قوته فلا قدرة له على شيء، فقد نقول أنَّ البخيل أيضًا مبغوض من الناس مخذول منهم، فلا يجد في ملماته معينًا ولا في نوائبه معزيًا، فهو أيضًا ضعيف الجانب لا قوة له. فالمسرف ضيع المال. والبخيل ضيع الإخوان، فكلاهما مكسور الظهر عديم الظهير.

1 / 247