अरबों का यूरोपीय सभ्यता में प्रभाव
أثر العرب في الحضارة الأوروبية
शैलियों
وحسبك شاهدا على مكان هذه المدرسة من السيطرة على الآداب الأوروبية في دولة الرومان، أن سنيكا وشيشرون وإبيكتيتس ومارك أورليوس كانوا من أتباع الرواقيين، وأنها المدرسة التي طاولت كل مدرسة أخرى في أمد البقاع واتساع النطاق، فلم تضارعها في طول بقائها واتساع نطاقها مدرسة فلسفية نشأت على عهد الإغريق والرومان، وأن النمط الرواقي في الحياة كان ولم يزل بين الغربيين قدوة الرجل الكامل - أو طالب الكمال - إلى عهد ديكارت الفرنسي، وإمرسون الأمريكي، ومن تتلمذ عليهما إلى هذا الجيل.
وقد كان طابع الذهن السامي - ونكاد نقول: طابع الجزيرة العربية - ملحوظا على كل ما علمته المدرسة الرواقية في باب الغيبيات، أو باب العلم الطبيعي، أو باب الأخلاق.
فكانت تدين بالتوحيد ونسبة الفعل كله إلى الله، والانفعال كله إلى المادة، وقد تميل أحيانا إلى وحدة الوجود فيما طرقته من بحوث ما وراء الطبيعة.
وكانت ترى في باب العلم الطبيعي أن الشيء الموجود هو الذي يفعل أو ينفعل، ولا وجود لغير ذلك من الفروض المثالية أو الفروض الخيالية؛ فكل ما في الكون مرجعه إلى الحس والتجربة، وقدرة الفعل والانفعال.
ولعلهم كانوا في هذا الباب روادا سابقين للمدرسة التجريبية التي ظهرت بعدهم بألفي سنة. ويعزو «سترابو»، الجغرافي الكبير، إلى موخوس الصيداوي أنه أول من قال بالجوهر الفرد قبل حرب طروادة. ويستند في هذا الخبر إلى رواية بوسيدنيوس، الفيلسوف الرواقي المعروف، وهو سبق له معناه في عصر الكلام على الجوهر الفرد والقنبلة الذرية.
أما في الأخلاق، فلا قيمة عندهم للبحث الفلسفي إن لم يكن له نفع في طلب الحياة الفاضلة، ونشدان السعادة، والتطلع إلى الكمال. ومساك الأخلاق المثلى عندهم ضبط النفس، وتربية الإرادة، واجتناب المطامع والشهوات.
وليس من العسير تعليل هذه النزعة الرواقية، أو هذه الفلسفة العربية القديمة؛ لأنها تنبعث من مصادر ثلاثة كل منها خليق أن يتجه بها هذا الاتجاه؛ وهي: سلطان القبيلة، وسلطان الدين، وسلطان الدولة والنظام.
فالقبيلة تفرض على أبنائها حياة الصبر والشظف، والمحافظة على التراث القديم، وتجعل كل فرد من أبنائها مسئولا عن القبيلة بأسرها، فعليه من أجل ذلك حساب عسير في كل صلة بين سائر الأفراد من تلك القبيلة، أو من أبناء القبائل الأخرى، وغاية ما يحذره الرجل في ظل هذا السلطان أن «يخلع»؛ فيصبح كما يسمونه خليعا لا حساب عليه.
ثم يأتي سلطان الدين والكهانة بعد انتظام القبيلة في دور الحضارة والعرف الموروث، ولم تفترق الكهانة القديمة عن المواسم والآداب التي تلتزم في آداب المعيشة والسلوك، ويتعرض الخارج عليها لخطر جسيم يضارع خطر «الخلع» أو يزيد عليه؛ لأنه يخلعه من حظيرة قومه وحظيرة الله على السواء.
ويتمشى مع سلطان الدين سلطان النظام والقانون في الدولة المهيبة قائما على ركنين من وشائج العصبية وفرائض العبادة، أو قائما على الحاسة الموروثة في عنصر النسب، وعلى العقيدة المستقرة في الضمير.
अज्ञात पृष्ठ