आथार बिलाद
آثار البلاد وأخبار العباد
प्रकाशक
دار صادر
प्रकाशक स्थान
بيروت
رائحته ولا يبقى منتفعًا به.
ينسب إليها أبو الحسن الاهوازي المنشيء صاحب الكلام المرصع، له رسالة حسنة في ذلك الأسلوب وهو متفرد به.
أيلة
مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام، كانت مدينة جليلة في زمن داود، ﵇، والآن يجتمع بها حجيج الشام ومصر من جاء بطريق البحر، وهي القرية التي ذكرها الله تعالى حاضرة البحر.
كان أهلها يهودًا حرم الله تعالى عليهم يوم السبت صيد السمك، وكانت الحيتان تأتيهم يوم السبت شرعًا بيضًا سمانًا كأنها الماخض حتى لا يرى وجه الماء لكثرتها، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم. فكانوا على ذلك برهة من الدهر، ثم إن الشيطان وسوس إليهم وقال: إنما نهيتم عن صيدها يوم السبت فاتخذوا حياضًا حول البحر، وسوقوا إليها الحيتان يوم السبت، فتبقى فيها محصورة واصطادوا يوم الأحد، وفي غير يوم السبت لا يأتيهم حوت واحد، ففعلوا ما أمرهم الشيطان خائفين. فلما رأوا أن العذاب لا يعاجلهم أخذوا وأكلوا وملحوا وباعوا.
وكان أهل القرية نحوًا من سبعين ألفًا فصاروا أثلاثًا: ثلث ينهون القوم عن الذنب، وثلث قالوا: لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذبهم؟ وثلث يباشرون الخطيئة. فلما تنبهوا قال الناهون: نحن لا نساكنكم. فقسموا القرية للناهين باب وللمتعدين باب، ولعنهم داود، ﵇. فأصبح الناهون ذات يوم في مجالسهم لم يروا من المتعدين أحدًا، فقالوا: إن للقوم شأنًا، لعل الخمر غلبتهم! فعلوا الجدار ونظروا فإذا هم قردة فدخلوا عليهم، والقردة تعرف أنسابها والأنساب لا يعرفونها. فجعلت القردة تأتي نسيبها من الانس فتشم ثيابه وتذرف دمعة، فيقول نسيبها: ألم أنهك عن السوء؟ فتشير القردة برأسها يعني نعم. ثم ماتت بعد ثلاثة أيام.
1 / 153