Athar Abdul Rahman bin Yahya Al-Muallimi Al-Yamani
آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني
अन्वेषक
مجموعة من الباحثين منهم المدير العام للمشروع علي بن محمد العمران
प्रकाशक
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٣٤ هـ
शैलियों
المدخل إلى
آثار الشيخ العلامة عبد الرحمن المعلمي
• مقدمة تعريفية بالمشروع
• ترجمة المعلمي
• الرسائل المتبادلة
تأليف
علي بن محمد العمران
1 / 1
~٣٥١-٢
1 / 3
المدخل إلى آثار الشيخ العلامة
عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني
• مقدمة تعريفية بالمشروع
• ترجمة العلامة المعلمي
• الرسائل المتبادلة
تأليف
علي بن محمد العمران
1 / 1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله الأطهار وصحبه الكرام الأبرار، ومن والاه.
أما بعد، فهذا هو "المدخل إلى آثار الشيخ العلَّامة عبد الرحمن المُعلِّمي اليماني"، وقد تضمّن ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مقدمة تعريفية بالمشروع
وفيه ثلاثة مباحث:
الأول: قصة بداية المشروع.
الثاني: مراحل العمل فيه.
الثالث: الصعوبات وما إليها.
القسم الثاني: ترجمة العلامة عبد الرحمن المعلِّمي
وفيه عشرة مباحث:
الأول: مصادر ترجمته.
الثاني: اسمه ونسبه، ومولده ونشأته.
الثالث: تنقلات الشيخ ورحلاته.
- الرحلة إلى الإدريسي.
- الرحلة إلى الهند.
- رحلته إلى مكة المكرمة.
الرابع: أسرته.
الخامس: شيوخه.
السادس: تلاميذه.
1 / 5
السابع: صلته بعلماء عصره.
الثامن: ثناء العلماء والفضلاء عليه.
التاسع: مؤلفاته وتحقيقاته.
- أولًا: مؤلفاته بحسب ترتيبها في هذه الموسوعة.
- ثانيًا: كتبه المفقودة أو التي لم تدخل في هذه الموسوعة.
- ثالثًا: تحقيقاته.
العاشر: وفاته.
القسم الثالث: الرسائل المتبادلة
رأينا أنه من المناسب جدًّا أن نلحق بهذا المدخل التعريفي بالمشروع وبمؤلفه: الرسائلَ المتبادلةَ بين المعلمي وغيره من العلماء والأقارب والتلاميذ والمحبين لتعلقّها الأكيد بترجمته.
والحمد لله الذي وفَّق وأعان على إتمام هذه الموسوعة العلمية العظيمة، ونسأله سبحانه أن يكتب الأجر والثواب لمؤلِّفها، وللقائمين عليها، ولكلّ مَن كانت له يدٌ بيضاء في إتمامها وإنجازها. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتب
المدير العلمي للمشروع
٢٠/ ١٢/١٤٣٣ هـ
aliomraan@hotmail.com
@a_alemran تويتر
1 / 6
القسم الأول
مقدمة تعريفية بالمشروع
1 / 7
تمهيد
لا شكّ أن الله تعالى قد أبقى في العلماء في كل دهر بقيةً يبيّنون للناس دينَهم، ويحفظون أمر شريعته، ويكشفون ما أشكل على الناس منها، ويوضِّحون ما التبس من أحكامها، ويهدونهم إلى الصراط المستقيم، صراط الكتاب والسنة وسلف الأمة وأئمتها، ويردّون على أهل الضلال ضلالهم وعلى أهل الشُّبَه شُبَههم بأوضح الحجج وأجلاها.
وجعل الله تعالى في تلك الكوكبة من العلماء ــ كرمًا منه ومنّةً ــ مِن مَتانة الديانة، وجميل الأخلاق، والبعد عن زخارف الدنيا، ما أكسبهم جميلَ الذّكر. وجعل فيهم أيضًا من قوّة العلم والغوص على دقائق المعاني، وانكشاف الحقائق وحل المعضلات، ما مَهّد لهم القبول عند الناس، ليحصل كمال الانتفاع بعلومهم وديانتهم.
وإذا كنّا نعدُّ من هؤلاء العلماء المحققين في غابر الدهر العددَ الكثير والجم الغفير، فإنهم في العصور المتأخرة أقل من القليل، فإذا كانوا كذلك فواجبٌ على أهل العلم وطلبته، وأهل الإصلاح والتربية، وأهل البسطة في المال والسعة فيه أن يلتفتوا جميعًا لإحياء مآثر هؤلاء النفر من الأئمة والعلماء؛ وذلك بأنواع من الوسائل، كالتعريف بهم، وإبراز محاسنهم، وبثّ علومهم، والعناية بتراثهم، وتقريبه للناس، وتيسير الوصول إليه، وغير ذلك.
ومن هؤلاء العلماء المحققين في العصور المتأخرة: الشيخ الإمام العلامة بقيّة السَّلَف عبد الرحمن بن يحيى المُعلِّمي العُتْمي اليماني، المولود سنة ١٣١٢ في اليمن، المتوفى سنة ١٣٨٦ بمكة المكرمة رحمه الله تعالى.
1 / 9
فقد ترك المعلمي ثروة عظيمة من الكتب والرسائل، فيها علم غزير وتحقيق بالغ، لكن لم يطبع منها في حياته إلا القليل، ولم يطبع منها بعد وفاته إلى اليوم إلا قليل أيضًا، فجاء هذا المشروع لينهض بمهمة طباعة جميع كتبه ورسائله= تحقيقًا لرغبة الشيخ في طباعتها وعملًا بوصيته (^١)، ونفعًا للناس وخدمة للعلم.
وقد يسّر الله الكريمُ بمنّه جَمْعَ آثاره ومصنّفاته في هذه الموسوعة المباركة، بجهود مخلصة حثيثة، وعمل دؤوب، وصبر ومصابرة، واستغرق العمل فيه عشر سنوات قضيناها في خِضَمّ هذا المشروع الكبير، وتخلّل ذلك انقطاعات متعددة للعمل في المشروعات العلمية الأخرى.
وكان هذا المشروع أول الأمر مجرّد فكرة، ثم بذرناها في أرض الجدّ في مطلع سنة ١٤٢٣، وتعاهدناها بالعناية والسقي عدة سنين، حتى استوى العمل على سوقه، فنمت أشجارُه، وأورقت أغصانُه، وتفتّقت أكمامه، وبدت ثماره، فها هي يانعةً دانيةَ القِطاف لكل راغب في حصاد موسم ١٤٣٣. فيا له من حصاد مبارك!
فالحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات، والحمد له أوّلًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا، وهذا أوان الشروع في شرح قصة المشروع، وخطته، ومراحل العمل فيه، والصعوبات التي واجهناها.
_________
(^١) سيأتي بسط ذلك في الكلام على مؤلفاته (ص ١٢٤ - ١٢٦).
1 / 10
المبحث الأول
قصة بداية المشروع
في صيف عام ١٤١٨، أي قبل خمسة عشر عامًا مضت، في مجلس من مجالس شيخنا العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (ت ١٤٢٩) رحمه الله تعالى بداره العامرة بالطائف= تذاكرنا سيرةَ الشيخ العلامة المجتهد عبد الرحمن بن يحيى المعلّمي (ت ١٣٨٦) رحمه الله تعالى، وعرّجنا على ذِكر كتبه ومؤلّفاته، وما طُبع منها وما لم يُطبع. وكان شيخُنا شديدَ الإعجاب بمؤلفات المعلمي (^١)، وقد لقَّبَه في بعض كتبه بـ (ذهبيّ العصر) (^٢) مقارنة له بالإمام الذهبي، بجامع تفنّنهما في علم الرجال والجرح والتعديل.
وذكرنا ما طُبع من كتبه في الآونة الأخيرة، وأن هناك بعض المحاولات لبَعْث بعض تراثه، إلا أنها لا تليق بمكانة الشيخ ولا تنهض بخدمة كتبه على الوجه المرضيّ.
وذكرنا أيضًا بعض الرسائل العلمية التي قدّمت عن جهود الشيخ في مختلف الجوانب، وأنها لم تَفِ بحقّ الشيخ لا من حيث الترجمة ولا من حيث استيفاء المادة العلمية؛ لأن غالب كتبه لم تطبع، واعتماد الدارسين على مؤلفاته المخطوطة كان يعتوره قصور شديد.
فانتهى الكلامُ بنا إلى أنه ينبغي النظر فيما بقي من تراث هذا الإمام، والسعي في نشره وتعميم نفعه للناس.
_________
(^١) ولم يكن قد طبع منها في ذلك الوقت إلا ستة كتب أو سبعة.
(^٢) كما في "التأصيل" (ص ٢٧).
1 / 11
وكان معنا في المجلس آنذاك أحد طلاب الشيخ، وكان يعمل في "كتابة عدل" في مكة، فطلب منه شيخنا أن يسعى في تصوير كتب الشيخ المعلمي من مكتبة الحرم المكيّ الشريف، تمهيدًا للنظر فيها، ومعرفة ما لم يطبع منها، وطباعة ما يصلح منها للنشر.
ولا أدري هل صوّرت الكتب بعد ذلك أم لا! لكنني أحسب أن أمر هذه الفكرة قد انتهى إلى هذا الحدّ! ولعل انشغال شيخنا بمشاريع علمية أخرى أخّرت إتمام النظر في هذا المشروع، أو أن من كلّفه شيخُنا بالتصوير لم يتمكّن من ذلك.
وبعد نحو خمس سنوات، أي في أثناء سنة ١٤٢٣ لمَعَ بارقُ أملٍ جديد لإحياء هذه الفكرة، والنهوض بهذا المشروع من جديد، وذلك أن أخي الشيخ أسامة الحازمي كان يتردّد عليّ ومعه بعض رسائل العلامة المعلمي المخطوطة في مسائل نحوية وصرفية (^١)، وكان له اشتغال بنسخها وتحقيقها، فربّما استشكل كلمةً أو عبارة من خط الشيخ، فنتعاون في فكّ عُقَدها وإيضاح مغلقها، وجرى الحديث في أثناء ذلك عن كتب العلامة المعلمي في مكتبة الحرم، وعن حالها وإمكانية تصويرها. وذكرتُ له ما كنّا نهمّ به من تصويرها والعمل عليها، وذكرتُ له حديثي السالف مع شيخنا بكر أبو زيد ﵀.
ثم انقدح في ذهني أن أُعيد لفتَ نظر شيخنا إلى الأمر من جديد، مع
_________
(^١) وكان قد سبق له تحقيق كتاب "اللطيفة البكرية" للشيخ المعلمي، وطبعت في دار عالم الفوائد سنة ١٤٢١ هـ.
1 / 12
علمي بما كنّا عليه من الانشغال الشديد بالمشاريع العلمية الكبرى التي كان شيخنا يشرفُ عليها (^١)، وأنجزنا طائفة منها؛ لكني عزمتُ وفاتحته في الأمر، فرأيت منه ما لم أتوقعه من سرعة الاستجابة والنشاط للموضوع، بما لم أعهده منه في المرة السالفة التي سبق الحديث عنها.
طلبَ الشيخُ كتابةَ تصوّر للمشروع، مع قائمة بأهم كتبه التي لم تُطبع، ومعلومات أوليّة عنها وعن مكان وجودها، فأرسلتُ له ذلك بعد أيام قلائل، فحصلت الموافقة على المشروع في غضون أيام، وأُدرج ضمن المشاريع العلمية التي يشرف عليها الشيخ تحت رعاية مجمع الفقه الإسلامي بجدة، والتي تمولها مؤسسة سليمان الراجحي الخيرية، وتديرها وتنفذها دار عالم الفوائد بمكة المكرمة، ولله الحمد والمنة.
وعليه؛ كَتب شيخُنا طلبًا لرئاسة شؤون الحرمين يطلب فيه تصوير كتب الشيخ المعلمي من مكتبة الحرم المكي الشريف، فاعتُمِد الطلب، وصوّرت الكتب.
فهذه قصة البداية، وها نحن اليوم نكتب قصة نهاية هذا المشروع العظيم، الذي سيكون بدايةً لقصّةٍ جديدة في العلم والتحقيق والمعرفة، فما أجملها من نهاية نَدلِفُ بها إلى بداية جديدة.
_________
(^١) وهي ثلاثة مشاريع كبرى: آثار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد طبع منها حتى الآن ٢١ مجلدًا، وآثار الإمام ابن القيم، وطبع منها ٣٨ مجلدًا، والعمل جارٍ في استكمال باقي المشروعَين. وآثار العلامة الأمين الشنقيطي، وطبعت كاملة في ١٩ مجلدًا.
1 / 13
المبحث الثاني
تفاصيل العمل في مراحل المشروع
أما تفاصيل العمل في المشروع على مدى عشر سنوات منصرمة؛ فتلك قصة طويلة الذيول، ربما أعْجِز عن سرد تفاصيلها، لكني سأذكر منها ما يكشف عن المراحل التي مرّ بها، وخطة العمل الأساسية، والعقبات التي واجهتنا، والمشاركين في كل مرحلة، وما استجدّ لنا من كتب الشيخ بعدما شارفنا على تمام المشروع.
* المراحل التي مرّ بها المشروع
المرحلة الأولى: أول عمل قمنا به في باكورة هذا المشروع هو كتابة قائمة بمؤلفات الشيخ المحفوظة في مكتبة الحرم المكي الشريف، وذلك من خلال البطاقات الموجودة في المكتبة والسّجلّ المتسلسل لمخطوطات المكتبة، قمنا بحصر هذه العنوانات في قائمة من عدة أوراق، ومن خلال هذا الفهرس حصل تصوير المخطوطات من المكتبة. وقد قمنا بهذا الفهرس بناءً على طلب قسم التصوير في المكتبة، فإنه لما جاءت الموافقة من إدارة المكتبة بتصوير كتب الشيخ، طُلِب منّا صنع قائمة بالكتب التي نريد تصويرها.
وقد استلمنا كلَّ المطلوب تصويره من مكتبة الحرم في غضون شهرين أو ثلاثة.
1 / 14
وقد اعتور هذا الفهرس والتصوير من خلاله عدة أمور، نبدأ بذكر ما وقع في الفهرس:
١ - أن لكل مخطوط رقم تصوير على الميكروفلم، وما لم يكن كذلك فإنه لم تؤخذ له صورة فلميّة، فلا يمكن تصويره.
٢ - أن مجموعة من الكتب لم تكن مصوّرة على المكيروفلم، لضعف ورقها واهترائه، فهذه لم نتمكن من تصويرها في هذه المرحلة.
٣ - لم ندرج أرقام الكتب التي طبعت سابقًا في هذا الفهرس، كـ"التنكيل" و"الأنوار الكاشفة" وبعض الرسائل الصغيرة، فقد أجّلنا تصويرها لمرحلةٍ آتية، إذ كان جلّ اهتمامنا في هذه المرحلة بما لم يطبع من الكتب تمهيدًا للمرحلة الثانية.
٤ - هناك العديد من كتب الشيخ لم تكن مدرجة ضمن البطاقات ولا ضمن السجل العام، ثم أُدرجت فيما بعد، فلم نصوّرها في هذا المرحلة، ثم صورناها بعد صدور فهرس مكتبة الحرم في أربعة مجلدات عن مكتبة الملك فهد الوطنية. حيث تتبّعتُ عنوانات كتب الشيخ، وقارنتُها بما صورناه منها، وطلبتُ تصوير مالم يصوّر سابقًا، وقد بلغت أكثر من خمسة وعشرين عنوانًا.
هذا ما اعتور الفهرس المذكور، أما ما اعترى المخطوطات المصوّرة من إشكالات فنعرضه هنا باختصار:
أُخِذت صورةٌ من كتب الشيخ على الميكروفلم، ومن ثَمّ كان التصوير الورقي من خلاله وليس من الأصول الخطيّة.
1 / 15
وقد وقع في هذه الصورة الورقية لكتب الشيخ ضروبٌ من النقص والإشكالات، سواء في أمور تتعلق بوضوح التصوير وضعفه، أو نقص المخطوط وتمامه، أو ترتيب أوراق المخطوط من عدمها، أو نقص أوراق منها عند التصوير، أو تفرّق أوراق المخطوط ووقوع الخطأ في ترتيبها، أو ترقيم الأوراق بعد تشتتها فيزيد اضطرابَها غموضًا وإبهامًا، أو تشتّت المخطوط الواحد ليصبح عدة مخطوطات لكل منها رقم خاص وعنوان خاص، أو إغفال تصوير الأوراق الطيّارة الملحقة بالمخطوط مع أهميتها لمعرفة هوية المخطوط وعنوانه، أو الجور على أوراق المخطوط عند تجليده فتذهب كثير من الكلمات في أطرافه.
هذه بعض الإشكالات التي توقفنا عندها بادئ ذي بدءٍ عند استلامنا لمصوّرات كتب الشيخ! وربما كان المتبادر إلى ذهن الكثيرين ــ وأنا منهم ــ أن الشيخ المعلمي عالم معاصر لم يمض على وفاته إلا أربعون عامًا، فيُفترَض أن تكون كتبُه مرتّبةً، وخطّه واضحًا مقروءًا، وأوراقه الخطية في أحسن أحوالها، هذا ما كان يتصوّره غالب الناس، وعليه فلن يأخذ العمل في تحقيقها وطباعتها جهدًا كبيرًا؛ لكن الواقع خلاف ذلك، بل هو كما شرحناه وأكثر من ذلك. وسيأتي في مبحث الصعوبات والعقبات التي واجهتنا في المشروع مزيدُ شرحٍ لذلك ولطريقة كتابة الشيخ لمؤلفاته وتركه غالبها في مسوّداتها، بما سيتبيّن معه ــ إن شاء الله تعالى ــ حجم الجهد المبذول في تحقيقها وإخراجها.
المرحلة الثانية: النَّسْخ
في مثل حالة كتب الشيخ التي سبق وصفُها كان لا بدّ لنا من مرحلة
1 / 16
تمهيدية تسبق التحقيق، وهي نسخ جميع ما وقفنا عليه من كتبه وأوراقه ومقيّداته، وهذا تدبير بحمد الله حسنٌ، وقد انتفعنا به نفعًا عظيمًا، نذكر بعض جوانبه في عدة أمور:
١ - تبيّن ترتيب أوراق المخطوط، فكثير منها وقع اختلال واضطراب في ترتيب أوراقه.
٢ - عرفنا ما هي الكتب والرسائل الكاملة أو الناقصة.
٣ - لمعرفة عنوانات وموضوعات الرسائل والكتب، فكثير من كتب الشيخ بلا عنوان لا في صفحاتها الأولى ولا في مقدماتها.
٤ - لتكميل النقص الحاصل في كثير من الرسائل، إذ قد يكون داخلًا خَطَأً ضمن رسالة أخرى، أو تكملته في أوراق طيارة.
٥ - لمعرفة النُّسَخ المسوّدة من المبيّضة، إذ قد يكون من الرسالة الواحدة عدة نسخ، ويلتبس أيتها الأولى منها وأيتها الأخيرة. ولا يتبين ذلك إلا بعد النسخ والمقارنة.
٦ - واستفدنا من النَّسْخ في هذه المرحلة المبكرة جملةَ فوائد تتعلق بترجمة الشيخ وتنقلاته، وطريقة تأليف كتبه، وتواريخ تأليف بعضها، وسبب تأليف البعض الآخر، وأماكن تأليف الكتب، وبعض المصادر والطبعات التي اعتمدها، وكثير من اهتمامات الشيخ وأموره الخاصة.
بدأنا مرحلة النسخ مع أخينا الشيخ أسامة الحازمي، وقد تولى بادئ ذي بدءٍ نسخ بعض الرسائل التي لم تصوّر على الورق بسبب ضعف أوراقها أو سوء حالتها، فنسخ عددًا منها ولم يستوفها، وكذلك نسَخَ جملةً من رسائل
1 / 17
النحو واللغة. وبعد عدة شهور من العمل في النسخ رأينا الأمرَ أكبر من أن يتولّاه شخص واحد، فكوّنّا فريقًا من الباحثين المتميزين، ووزعنا عليهم الكتب، كلما انتهى الباحثُ من كتاب أو رسالة أو جزء دُفع إليه جزء آخر، وهكذا.
ولم يكن من مهمة الناسخ أن يقف طويلًا عند العبارات المشكلة، ولا الكلمات المطموسة، ولم يكن من مهمته الأساسية ترتيب الأوراق ترتيبًا سليمًا إذ كان ذلك يأخذ وقتًا وجهدًا، بل كان جلّ الهمّ والعمل منصبًّا على نسخ الكتب والرسائل فقط التي كُلِّف بنسخها، وتقييد ما يجده الناسخ من إشكال أو اضطراب أو عدم وضوح إما بنقاط أو بمعكوفات أو بتنبيهات تدلّ على ذلك، ليتولّى مَن بعده تحقيق ذلك وتبيينه وحلّ مشكله.
والمشاركون في هذا الفريق هم:
- الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن قائد (^١).
- الشيخ أسامة بن مسلم الحازمي.
- الشيخ زايد بن أحمد النشيري.
- الشيخ عبد الرحمن بن سالم الأهدل.
- الشيخ عدنان بن صفاخان البخاري.
- الشيخ نبيل بن نصار السِّندي (في مرحلة لاحقة).
_________
(^١) وكلمة حق أقولها في حق أخي عبد الرحمن قائد: أنه كان له فضلٌ على إخوانه في الكتب والرسائل التي كُلّف بنسخها؛ من حيث العدد والتدقيق والتحرير وجودة الخط.
1 / 18
فأتينا على غالب المصوّرات نسخًا، ووضعنا كلَّ كتاب ينتهي نَسْخُه في ملف خاص، ودوّنا في أوّل ورقة منه عنوانَ الكتاب أو الأوراق المنسوخة، ورقمها في المكتبة (^١)، والعنوان أو الموضوع إن اتضح، وبعض المعلومات التي تفيد في معرفة الكتاب أو تاريخ تأليفه أو علاقته بكتاب آخر للشيخ.
فنسخنا في هذه المرحلة أكثر من سبعة آلاف ورقة بخط اليد.
فأصبحت بحمد الله غالب كتب الشيخ التي صورناها منسوخة، ومهيَّأة للتحقيق، وقد عُرفت هُويّة كثير من الكتب والرسائل التي لم تكن معنونة، وكثير من الأوراق التي لم تكن في مكانها الصحيح.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه قد شارك في النسخ أيضًا كلّ المحققين؛ لأنه لم يخل فنّ من الفنون أو كتاب من الكتب التي وزّعت على المحققين وتولّوا تحقيقها من رسائل كثيرة أو أوراق عديدة لم تكن قد نسخت من قبل إما لعُسْر نسخها أو لاكتشافها مؤخّرًا. يضاف إلى ذلك الكتب والرسائل والأوراق الجديدة التي صوّرت بعد هذه المرحلة أو عُثر عليها أخيرًا ولم تكن معروفة من قبل. وليس الجهد ولا العدد في هذه المرحلة من النسخ بأقل من الجهد والعدد في سابقتها.
المرحلة الثالثة: الإدخال على الحاسوب، والصف والإخراج
لما انتهينا من مرحلة النسخ على الوصف الذي تقدّم تفصيله، رأينا أن
_________
(^١) غالب الأرقام التي كانت مدوّنة على المخطوطات هي أرقام الأفلام، ثم حاولنا تعديلها عند الإشارة إليها في مقدمات التحقيق إلى أرقامها الأصلية، فنرجو أنه لم يفتنا منها شيء.
1 / 19
نلحقه بمرحلة متمّمة وهي إدخال كل هذه المنسوخات الورقية باليد على الحاسوب، وقمنا قبلها باختيار الخط المناسب، والتنسيق المناسب، فأدخلنا جميع المنسوخات على الجهاز في نحو أربعة أشهر أو تزيد، وتتلخص الفوائد من هذه المرحلة في أمور:
١ - اختصار الوقت، وذلك بِطَيِّ مرحلة الإدخال على الحاسوب قبل التحقيق، فلا يبقى على الصفيف إلا إدخال حواشي التحقيق وتعديلات المقابلة وتصحيحات النصّ والإخراج.
٢ - سهولة البحث في المادة المدخلة لمعرفة تعلق الرسائل ببعضها، أو اكتشاف التكرار الذي قد يحصل بين المنسوخات، ومعرفة أين بحث المؤلف هذه المسألة من كتبه الأخرى.
٣ - سهولة نقل المباحث أو القطع المتفرّقة من الرسالة الواحدة إلى مكان واحد إذ عرف تعلقها ببعضها.
٤ - حفظ المنسوخ الورقي من الضياع أو التلف بأنواعه، فنأمن من أن نحتاج حينئذٍ إلى نَسْخِه من جديد.
بعد إتمام عملية الإدخال كان عدد الأوراق المنسوخة على الحاسوب أكثر من سبعة آلاف ورقة. وقد شارك في هذه المرحلة الأولية عدد من الأفاضل، أبرزهم الشيخ عبد الرحمن الأهدل، والأخ عبد الله بن أحمد العمري، والشيخ عدنان البخاري.
1 / 20
أما مرحلة الإخراج الفنيّ والنهائي للكتب، وذلك باختيار الحرف المناسب والحجم المناسب، والتنسيق والتصحيح وإدخال التعليقات والحواشي، فبدأت مع أوائل تحقيق الكتب والتعليق عليها، فشارك فيها أولًا الأخ سلطان البدر لأشهر قليلة، ثم تولاها الأخ خالد محمد جاب الله، فنسق الكتب المحققة، وأعاد تنسيق الجزء المنتهي منها ــ وهو قليل ــ لتوحيد المواصفات في جميع الكتب، وقام أيضًا بصف الكتب الجديدة التي لم تُنسخ وهي لا تقل من حيث العدد عما نُسخ في المرحلة الأولى. وكان للأخ خالد جاب الله جهد مشكور في حُسن الإخراج، وقلة الأخطاء، والصبر على كثرة التصحيح والمراجعة والتعديل. علمًا بأن مجموع عدد صفحات هذه الموسوعة المباركة بلغ (١٢.٤٥٧) صفحة.
المرحلة الرابعة: التحقيق وما إليه
كانت الخطة الأوّلية التي اقترحتُها على شيخنا بكر أبو زيد ﵀ وكتبتُ بها إليه ووافق عليها= تقضي بأن يتولّى مهمة التحقيق فريقٌ مكوّن من ثلاثة باحثين أو أربعة، باحثٌ رئيس ومعاوِنَين أو ثلاثة، وكان القصد من ذلك أن يكون العمل في جميع كتب الموسوعة على منهجيّة واحدة منضبطة من التحقيق والتعليق، فإنه من المعلوم أنه كلما قلَّ عدد الفريق العلمي انضبطت المنهجية وقلّ الخلاف. وكان من الأغراض أيضًا أن هذا الفريق يستطيع أن يكشف علاقة الرسائل والقطع والأوراق الطيارة ببعضها ومن ثَمّ يربط بعضها ببعض، وكذلك يكشف المباحث المتشابهة؛ فيسْهُل على الفريق الذي سبق وصفُه معرفة كلّ ذلك ويتمكن من التعامل معه.
1 / 21
بدأنا العمل في التحقيق أواخر سنة ١٤٢٨ فمضيتُ على هذه الخطة عدة أشهر أنهيتُ فيها بعض الكتب تحقيقًا وتصحيحًا، لكن تبيّن لي أنه لا يمكن إنجاز العمل في المشروع بهذه الطريقة إلا في سنوات عديدة، وهذا سيؤخّر إنجاز المشروع، فرأينا أن توزّع الكتب على عدة محققين بحسب الفنون غالبًا، فقسمنا المشروع على الفنون: العقيدة، والتفسير، والحديث، والفقه، والأصول، واللغة والنحو، والفوائد والمتفرقات، وقسمنا كل فنّ على محقق واحد أو اثنين، فكان عدد المحققين المشتركين فيه سبعة، المحققون الرئيسون ثلاثة وهم: محمد أجمل الإصلاحي، ومحمد عزير شمس، وعلي بن محمد العمران (^١)، وقد حققوا من الموسوعة ٢١ مجلدًا، أما المحققون المتعاونون فتولَّوا أربعة مجلّدات منها (^٢).
وقد توقفنا عن التحقيق على الطريقة الأولى في منتصف عام ١٤٢٩، وبدأنا في الطريقة الثانية عام ١٤٣١، فوضعنا لها برنامجًا مناسبًا ووقتًا محددًا لإنجازها.
وقد سارت بحمد الله منهجيّة التحقيق كما خُطِّط لها، وكذلك الوقت الذي رسمناه لإنجاز التحقيق.
إلا أنه قبيل إنجاز المشروع بأشهر قليلة وقع ما كنّا نتمناه ولم يكن في الحسبان؛ ففي زيارة لمكتبة الحرم المكي في أوائل عام ١٤٣٣ أخرج لنا الإخوة في قسم المخطوطات بالمكتبة بعض الأوراق للنظر فيها هل هي
_________
(^١) سيأتي ذكر ما حققه كل واحد في آخر هذا المبحث.
(^٢) سيأتي ذكرهم مع ما حققه كل واحدٍ منهم.
1 / 22