وإن للنفي لروعة، وإن للنأي للوعة، وقد جرت أحكام القضاء، بأن نعبر هذا الماء؛ حين الشر مضطرم، واليأس محتدم، والعدو منتقم، والخصم محتكم، وحين الشامت جذلان مبتسم، يهزأ الدمع لم ينسجم، نفانا حكام عجم، أعوان العدوان والظلم، خلفناهم يفرحون بذهب اللجم، ويمرحون في أرسان يسمونها الحكم.
4
ضربونا بسيف لم يطبعوه، ولم يملكوا أن يرفعوه أو يضعوه؛ سامحهم في حقوق الأفراد، وسامحوه في حقوق البلاد، وما ذنب السيف إذا لم يستحي الجلاد.
5
ماذا تهمسان؟ كأني أسمعكما تقولان: أي شيء بدا له، على هذه الضاحية؟ وماذا شجا خياله، من هذه الناحية؟ وأي حسن أو طيب، لملح يتصبب في كثيب؟ ماء عكر، في رمل كدر، قناة حمئة، كأنها قناة صدئة؛ بل كأنها وعبريها رمال، بعضها متماسك وبعضها منهال، وكأن راكب البحر مصحر، وكأن صاحب البر مبحر.
6
رويدكما ليس الكتاب بزينة جلده، وليس السيف بحلية غمده؛ تلك التنائف، من تاريخكم صحائف؛ وهذه القفار، كتب منه وأسفار؛ وهذا المجاز هو حقيقة السيادة ووثيقة الشقاء أو السعادة؛ خيط الرقبة، من اغتصبه اختص بالغلبة، ووقف للأعقاب عقبة؛ ولو سكت لنطقت العبر، وأين العيان وأين الخبر؛ انظرا تريا على العبرين عبرة الأيام: حصون وخيام، وجنود قعود وقيام؛ جيش غيرنا فرسانه وقواده، ونحن بعرانه وعلينا أزواده؛ ديك على غير جداره، خلا له الجو فصاح؛ وكلب في غير داره، انفرد وراء الدار بالنباح.
7
القناة وما أدراكما ما القناة؟ حظ البلاد الأغبر، من التقاء الأبيض والأحمر؛ بيد أنها أحلام الأول، وأماني الممالك والدول، الفراعنة حاولوها، والبطالسة زاولوها، والقياصرة تناولوها، والعرب لأمر ما تجاهلوها؛ إلى أن جرى القدر لغايته، وأتى إسماعيل بآيته، فانفتح البرزخ بعنايته، والتقى البحران تح رايته، في جمع من التيجان لم يشهده إكليله، قد كن يتوج فيه لو شهدته جيوشه وأساطيله؛ وما إسماعيل إلا قيصر لو أنه وفق، والإسكندر لو لم يخفق؛ ترك لكم عز الغد، وكنز الأبد، والمنجم الأحد، والوقف الذي إن فات الوالد فلن يفوت الولد.
8
अज्ञात पृष्ठ