171

Assisting the Beneficiary by Explaining the Book of Monotheism

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

प्रकाशक

مؤسسة الرسالة

संस्करण संख्या

الطبعة الثالثة

प्रकाशन वर्ष

١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م

शैलियों

وقصته: أنّ أبا عامر الفاسق كان قد قرأ الكتب السابقة في الجاهلية، وتعبّد حتى صار يُقال له: "أبو عامر الراهب"، ويعظِّمه الناس لِمَا يظهر عليه من الدين؛ فلما هاجر النبي ﷺ إلى المدينة حسده وكفر به، وأبغض الرسول ﷺ؛ وسمّاه النبي بـ "أبي عامر الفاسق"، لأنه خرج عن طاعة الله وكفر برسول الله ﷺ. ثم ذهب هذا الكافر إلى الشام يؤلِّب النصارى على رسول الله ﷺ، وكتب وهو في الشام إلى جماعة من المنافقين في المدينة: أنِ ابْنوا لنا مكانًا من أجل أن نجتمع فيه ونتشاور. يريدون أن يكون هذَا المكان محل اجتماع لأعداء الرسول ﷺ، يتشاورون فيه للكيْد للإسلام، وكانوا لم يجرءوا على أن يبنوه على أنه مَجْمَع، فأظهروه بصورة المسجد، وقالوا: بنيناه من أجل الضعيف والمريض والليلة المطيرة أو الليلة الشاتَية، وطلبوا من الرسول ﷺ أن يصلّي فيه، يريدون من هذا التغطية والخديعة. فوعدهم ﷺ وقال: "إنا على سفر إلى غزوة تبوك، إنْ شاء الله إذا رجعنا نصلي فيه"، فلما رجع النبي ﷺ من تبوك ولم يبق على وصوله إلى المدينة إلاَّ ليلة - أو ليلتان- أتاه الوحي من السماء، قال الله ﷾: ﴿لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا﴾، وبيّن سبحانه مقاصدهم الخبيثة في هذا البناء. وقوله: ﴿لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا﴾ فيه: منع الرسول ﷺ من الصلاة في هذا المسجد وتيئيس لهؤلاء. ففي هذه الآيات: أن النّيات تؤثِّر في الأمْكنة والمباني، النيّات الخبيثة تؤثر في الأمكنة والبِقاع خبثًا، والنيّات الصالحة تؤثِّر فيها بركة وخيرًا. ففيها: الحث على إصلاح المقاصد، وفيها: دليلٌ على أن الاعتبار بالمقاصد لا بالمظاهر؛ هؤلاء بنوا مسجدًا في الظاهر، ولكن ليس مقصودهم المسجد، فدلّ على أن ما كل من أظهر الصلاح يُقبَل منه حتى تُعرف حقيقته. وفيه: التنبيه على خِداع المخادِعين، وأن يكون المؤمنون على حذر دائمًا من المشبوهين ومن تضليلهم، وأنهم قد يتظاهرون بالصلاح، ويتظاهرون بالمشاريع الخيرية، ولكن ما دامت سوابقهم وما دامت، تصرُّفاتهم تشهد بكذبهم فإنه لا يُقبل منهم، ولا ننخدع بالمظاهر دون نظر إلى

1 / 175