الكتاب، يا بني إسرائيل، يأيها الذين آمنوا.
وأما سورة النساء فتضمنت أحكام الأسباب التي بين الناس، وهي نوعان: مخلوقة لله، ومقدورة لهم، كالنسب والصهر؛ ولهذا افتتحت بقوله: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها} 1 [ثم] 2 قال: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام } 3.
فانظر إلى هذه المناسبة العجيبة، والافتتاح، وبراعة الاستهلال؛ حيث تضمنت الآية المفتتح بها ما في أكثر السورة من أحكام؛ من نكاح النساء ومحرماته، والمواريث المتعلقة بالأرحام، وأن ابتداء هذا الأمر بخلق آدم، ثم خلق زوجته منه، ثم بث منهما رجالا كثيرا ونساء في غاية الكثرة.
[و] 4 أما المائدة فسورة العقود، [و] 4 تضمنت بيان تمام الشرائع، ومكملات الدين، والوفاء بعهود الرسل، وما أخذ على الأمة، وبها تم5 الدين، فهي سورة التكميل؛ لأن فيها تحريم الصيد على المحرم، الذي هو من تمام الإحرام، وتحريم الخمر الذي هو من تمام حفظ العقل والدين، وعقوبة المعتدين من السراق والمحاربين، الذي هو من تمام حفظ الدماء والأموال، وإحلال الطيبات، الذي هو من تمام عبادة الله؛ ولهذا ذكر فيها ما يختص بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- كالوضوء] 6 والتيمم، والحكم بالقرآن على كل ذي دين.
पृष्ठ 54