سورة المنافقون
أقول: وجه اتصالها بما قبلها: أن سورة الجمعة ذكر فيها المؤمنون، وهذه ذكر فيها أضدادهم، وهم المنافقون؛ ولهذا أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة يحرض بها المؤمنين، وبسورة المنافقين يفزع بها المنافقين1.
وتمام المناسبة: أن السورة التي بعدها فيها ذكر المشركين، والسورة التي قبل الجمعة فيها ذكر أهل الكتاب من اليهود والنصارى2، والتي قبلها وهي الممتحنة فيها ذكر المعاهدين من المشركين3، والتي قبلها وهي الحشر فيها المعاهدين من أهل الكتاب4؛ فإنها نزلت في بني النضير حين نبذوا العهد وقوتلوا.
وبذلك اتضحت المناسبة في ترتيب هذه السور الست هكذا؛ لاشتمالها على أصناف الأمم، وفي الفصل بين المسبحات بغيرها5؛ لأن إيلاء سورة المعاهدين من أهل الكتاب بسورة المعاهدين من المشركين أنسب من ترك ذلك6، وإيلاء سورة المؤمنين بسورة المنافقين أنسب من غيره.
فظهر بذلك أن الفصل بين المسبحات التي هي نظائر لحكمة دقيقة من لدن حكيم خبير، فلله الحمد على ما فهم وألهم.
هذا وقد ورد عن ابن عباس في ترتيب النزول: أن
سورة التغابن
نزلت عقب الجمعة7، وتقدم نزول سورة "المنافقون" فما فصل بينهما إلا لحكمة، والله أعلم.
पृष्ठ 142